تمكن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض من إجراء زراعة قلب ناجحة لطفلة رضيعة قبل أن تُكمل عامها الأول، لتعد أصغر حالة تزرع قلبا بتاريخ عمليات زراعة القلب في المملكة والمنطقة العربية على مدى أكثر من ثلاثة عقود. فقد نجح مركز القلب بالمستشفى في إجراء العملية للطفلة الرضيعة، التي تعاني مرضا نادرا من أمراض اضطرابات التمثيل الغذائي، بعد توافر قلب من طفلة متوفاة دماغيا، عمرها 10 سنوات، تبرعت عائلتها بأعضائها بعد تنسيق من المركز السعودي لزراعة الأعضاء.

وأوضح كبير استشاريي جراحة القلب في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، الدكتور زهير الهليس، أن عملية زراعة القلب الناجحة جرت على الرغم من عدم توافق فصيلة الدم، لافتا إلى أن ذلك كان ممكنا بسبب ما يسمى طبيا «عدم نضج الجهاز المناعي لدى حديثي الولادة»، لكنه يتطلب رعاية طبية دقيقة، من بينها إعطاء أدوية نوعية، ومبينا أن هذا الإجراء مُثبت علميا، ويتم في عدة مراكز متقدمة عالميا لزراعة قلب الأطفال.

وأضاف أن الطفلة الرضيعة أحيلت إلى المستشفى قبل ستة أشهر من أحد المستشفيات في المملكة، إذ ولدت بمرض نادر من أمراض اضطرابات التمثيل الغذائي، مما تسبب في اعتلالات قلبية شديدة، وتدهور في عضلة القلب، وجرى تنويمها في قسم العناية المركزة، وخضعت لتشخيص طبي دقيق من فرق طبية متعددة في طب الأطفال والأمراض الوراثية وجراحة القلب، وأعطيت الأدوية اللازمة.

كما أجريت لها عدة عمليات كأفضل الخيارات الجراحية المتاحة طبيا، لإنقاذ حياتها، من بينها عملية إصلاح الصمام المترالي ثم عملية استبدال الصمام المترالي كاملا عبر زراعة صمام صناعي بديل، مشيرا إلى أن حالة الرضيعة لم تتحسن بسبب طبيعة الحالة المرضية وشدتها، مما أدى إلى استمرار ضعف وتدهور شديدين في عضلة القلب كحالة فشل قلب نهائي.

وبين الدكتور الهليس أن الرعاية الطبية الدقيقة، للمحافظة على حياة الرضيعة، كانت تتم من قبل الطواقم الطبية المختلفة في تخصصات العناية المركزة وطب حديثي الولادة وأمراض وجراحة القلب طيلة الأشهر الستة الماضية، بينما كان التواصل والتنسيق يجري مع المركز السعودي لزراعة الأعضاء، للحصول على قلب من متبرع متوفى دماغيا، وهو ما تكلل في النهاية بالحصول على قلب لطفلة متوفاة دماغيا، تبرعت عائلتها بأعضائها. وأكد أن عملية زراعة القلب أجريت في 19 نوفمبر الماضي، وأن حالة الرضيعة في تحسن لافت بعد أسابيع من إجراء الزراعة، وينتظر مغادرتها المستشفى قريبا مع خضوعها لمتابعة طبية دورية.

من جهته، أكد مدير مركز القلب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، الدكتور جهاد البريكي، أن برنامج زراعة القلب تمكن خلال العام المنصرم من إجراء 20 عملية زراعة قلب، من بينها 5 عمليات زراعة قلب أطفال دون سن 14 عاما، على الرغم من تحديات «جائحة كورونا»، ليصل إجمالي حالات زراعة القلب إلى 384 عملية منذ 1989 حتى نهاية 2020، لافتا إلى أن المستشفى يُعد ضمن أعلى 10% من المراكز الطبية العالمية التي تجري أعلى معدلات زراعة القلب سنويا، ويحقق نتائج مماثلة لكفاءة وجودة العمليات التي تجرى بالمراكز المتقدمة في أمريكا الشمالية والدول الأوروبية.