طالب الأكاديمي، المستشار البيئي الدكتور عبدالرحمن الصقير، باستثمار كميات المياه الرمادية المهدرة «مياه الغسيل والوضوء» الناتجة من المساجد والمدارس والجامعات والمستشفيات، وكافة المباني الحكومية، والخاصة في ري ملايين الأشجار التي يمكن زراعتها في المملكة، لتكون إلى جانب كثير من مصادر الري الأخرى المتاحة كفيلة بأن تؤمن غطاء نباتيًا تبدو المملكة في أمس الحاجة إليه.

والغطاء النباتي والأشجار تحديدًا من أهم عناصر البيئة، بل هي المكون الرئيس لها نظرًا لدورها الهام في مكافحة الملوثات بأنواعها وتقليل حدة التصحر وزحف الرمال وعواصف الغبار، وتعزيز التنوع الحيوي وجودة الحياة، هذا عدا مميزاتها الصحية والاقتصادية والجمالية الأخرى، وهذا ما يفسر التسابق والتنافس الدولي في مجال التشجير.

وقد أدركت دول العالم قاطبة الخلل الخطير في النظام البيئي لهذا الكوكب نتيجة بعض الممارسات البشرية غير الرشيدة خلال العقود القليلة الماضية، وتمثل هذا الخلل في عدد من الصور والمظاهر كالاحتباس الحراري وتلوث الهواء والأمطار الحامضية، وتدهور التنوع الحيوي، والتغير المناخي الذي بات هاجسًا يؤرق الدول والمنظمات المعنية بالبيئة، وكل من يهمه حاضر ومستقبل الإنسان.

وقد أطلقت عدد من الدول مثل الصين والهند وأستراليا وباكستان والفلبين مشاريع تشجير المليونية لتحقق عدة أهداف حيوية كالإسهام في التصدي للتغير المناخي، ومكافحة التلوث، والحد من زحف الصحارى، وعواصف الغبار والأتربة.

نهضة بيئية

يوضح الصقير أن المملكة تشهد نهضة بيئية شاملة وغير مسبوقة، حددت رؤية 2030 أطرها، وتحظى الأشجار فيها بأهمية كبيرة ومكانة خاصة، وكان من أولى ثمارها مشروع الرياض الخضراء العملاق، ومشاريع ومبادرات التشجير العديدة، وفي مقدمتها حملة لنجعلها خضراء الذي يستهدف زراعة 10 ملايين شجرة.

استفادة من المياه

يقول الصقير لـ«الوطن»: على الرغم من طبيعة المملكة الصحراوية التي تتسم بشكل عام بالجفاف، وارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار، وعدم وجود الأنهار والبحيرات العذبة، فإن الإرادة والتخطيط السليم والاستفادة القصوى من مصادر المياه المتاحة وتوظيفها بذكاء كفيل بتحقيق أهداف رؤية 2030 الخاصة بمكافحة التصحر، وتعزيز البيئة والتنوع الحيوي، وجودة الحياة بزراعة مئات الملايين من الأشجار، فعلى سبيل المثال يهدر يوميًا ما يزيد على 4 ملايين متر مكعب من المياه المعالجة، بعضها يطرح في البحار والبعض الآخر في الأودية والصحارى..

هذه الكميات الضخمة من المياه يمكن استثمارها بيئيًا بزراعة عدة مئات من ملايين الأشجار، كما أن كميات المياه الرمادية كفيلة هي الأخرى بتوفير مياه الري لعشرات الملايين من الأشجار، وتشكل الحيازات الزراعية التي يزيد عددها في المملكة على 280 ألف حيازة فرصة تشجيرية كبيرة؛ إذ من الممكن تشجير محيطها والمناطق الهامشية فيها بأشجار قليلة الاستهلاك للماء تسهم من جهة بحماية المزروعات وتقليل استهلاكها للماء، وتضيف لمنظومة التشجير عشرات الملايين من الأشجار المفيدة بيئيًا واقتصاديًا.

أما المدن الصناعية ومحطات توليد الطاقة ومصافي النفط ومحطات الوقود فيمكن تشجيرها بملايين الأشجار الملائمة باستخدام مياه الرجيع ذات الجودة المنخفضة الناتجة من تلك الأنشطة، وتنتج محطات تنقية المياه المنتشرة في المملكة ملايين الأمتار المكعبة من مياه الرجيع غير الصالحة للاستخدام البشري، والتي يشكل التخلص منها بالتبخير عبئًا اقتصاديًا كبيرًا، ويمكن توظيفها في سقيا عشرات الملايين من الأشجار داخل وفي محيط تلك المحطات، وهناك تجارب واعدة جدًا في هذا المجال.

بيئة خصبة

أبان الصقير أن «مناطق نمو المانجروف على سواحل المملكة في الخليج والبحر الأحمر تعد بيئة خصبة للتوسع في زراعة هذا النوع بالغ الأهمية، حيث يمكن إضافة عشرات الملايين من الأشجار لتلك البيئات الحيوية».

وأضاف: «تعد مبادرة أمانة منطقة الرياض بتشجير الأسواق والمجمعات التجارية نموذجًا ينبغي استنساخه في كل محافظات ومدن المملكة بالاستفادة من المياه الرمادية، ويمكن إضافة مناطق المستودعات والمخازن والمناطق الهامشية في المدن، مما سيضيف عشرات الملايين من الأشجار، وتحتجز سدود الأودية في المملكة مئات الملايين من الأمتار المكعبة من المياه التي يمكن الاستفادة منها بري عشرات الملايين من الأشجار في المناطق المحاذية للسدود، وتشكل الشوارع الفرعية «الأحياء» والطرق السريعة وخطوط السكك الحديد، والساحات والمطارات، وغيرها مواقع مواتية لاستزراع عشرات الملايين من الأشجار لتضاف إلى منظومة التشجير الوطنية المأمولة».

فوائد التشجير

مكافحة الملوثات

تقليل حدة التصحر

إيقاف زحف الرمال وعواصف الغبار

تعزيز التنوع الحيوي وجودة الحياة

مزايا صحية واقتصاداية وجمالية

معالجة مظاره الاحتباس الحراري

المساهمة في إيقاف تدهور التنوع الحيوي

مصادر يمكن استثمارها في ري الأشجار