لا يتقن كثيرون ممارسة فن المسافة، وهي تقنية تعني أن يبقي المرء مسافة بينه وبين الآخرين، على قدر ما يسمح له بالاحتفاظ بفواصل معهم.

لكن قضية اعتماد التعليم عن بعد، وما فرضته من تواصل مباشر بين الطالب والمعلم عبر تبادل الرسائل وغيرها من الرموز التي تزدحم بها منصات وتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تهدد تلك المسافة التي يمكن تسميتها «الهيبة» التي يفترض أن يتحلى بها المعلم تجاه طلابه.

ويقول أستاذ الأدب والنقد المساعد بجامعة نجران الدكتور نايف الحازمي «التطور الكبير الذي شهده العالم في الأعوام الأخيرة يعد قفزة نوعية في حياة البشرية، ولذا لا بد من مجاراته ومواكبته وتوظيفه بالشكل الصحيح الذي يخدم الوطن والمجتمع، ولا شك أن التعلم والتعليم عن طريق الوسائل الإلكترونية الحديثة ترجمة حقيقية للتوظيف السليم لهذه الوسائل، والرسائل بين المعلمين والتلاميذ ظاهرة إيجابية في مجملها، لكن لا بد أن تكون في حدود المنهج العلمي والتربوي (لا أكثر)، وأن تتمثل فيها القيم الدينية والاجتماعية السامية، من الاحترام المتبادل وبث روح التسامح والاعتدال التي تتسم بها الشخصية السعودية، ونبذ التطرف والغلو، يضاف إليها الالتزام بالأسلوب العلمي الرفيع، واللغة السليمة، والكتابة الإملائية الصحيحة».

تعزيز الثقة

يرى القائد التربوي السابق في تعليم نجران خالد عبدالله الزكري أن «التواصل بين المعلمين وطلابهم خارج إطار الفصل أو القاعة الدراسية مهم جدا لتعزيز الثقة وتبادل الخبرات، ولكن تحت ضوابط تعزز التقدير والاحترام بين الطرفين، وتكرس الدور الذي يفترض أن يلعبه المعلم، وهو التعليم بالمعلومات أو القدوة الحسنة، وأنا أتحفظ على التواصل من خلال وسائل التواصل، لأنها قد توثر على مكانة المعلم ورمزيته كقدوة، وتضر العلاقة المثالية بين الطلاب وأساتذتهم». ويضيف «ينبغي أن يكون التواصل بين الطلاب ومعلميهم إجمالا عبر قنوات الاتصال الرسمية مثل المقابلة في مقر الدراسة أو عن طريق البريد الإلكتروني إن أراد أحد الطرفين إيصال معلومة أو الحصول عليها، أما عداها فهي مضرة بالعلاقة بين الطرفين وخاصة المعلم الذي قد يتعرض إلى سهام النقد إن خرجت علاقته مع طلابه عن هذا الإطار».

نموذج إيجابي

يذكر مدير ثانوية الفارابي، أحمد البلالي «يتوجب على المعلم والطالب اقتناص جميع الفرص التي من شأنها تطوير مهارات التواصل والاتصال، لا سيما في الجانب التربوي والتعليمي، والتبادل المعرفي عبر الرسائل في مواقع التواصل بين الطالب ومعلمه نموذج إيجابي إذا ما حقق المعادلة التربوية والتعليمية والسلوكية، وللحق فإن وزارة التعليم ساهمت عبر منصة مدرستي في بناء وعي الطالب بآداب التواصل».

إيجابيات وسلبيات

يتحدث المشرف التربوي عبدالرحمن آل موته مبيناً أن «التواصل التقني بين المعلمين وتلاميذهم أمر إيجابي، يضمن سهولة الوصول وسرعة التجاوب والرد، أما سلبياته فتتمثل في عدم مراعاة الوقت والإزعاج وقلة الاحترام والغش وضعف التحصيل وضعف الرقابة، وكثرة الرسائل غير الهادفة».

ويضيف المعلم عبدالرحمن الكستبان أن «استخدام شبكات التواصل في العملية التعليمية ربما يدفع للتفكير الجدي في تبني نمط جديد من التعليم عن بعد، وذلك باستخدامها كمنصات في زيادة فاعلية هذا التعليم وتقوية الصلة بين المعلم وطلابه، وعليه ستكون البداية لمعالجة هذا الموضوع بضبط بعض المفاهيم والمصطلحات العلمية التي تعد من مستلزمات الدقة في البحث العلمي».

سرعة ومرونة

يشدد المرشدان الطلابيان صالح آل عباس وعلي آل عقيل على أن وسائل التواصل الاجتماعي عامة كانت خير معين للإنسان في عملية الاتصال، ووفرت الوقت والجهد للطلاب وأولياء الأمور والعاملين بالتعليم، ورغم عدم رسمية بعضها مثل برنامج الواتساب وغيره، إلا أنها تظل حلا سحريا يتغلب على كل عراقيل وصول المعلومة، وكغيرها من الوسائل لها بعض السلبيات التي لا تقارن بجدواها وفوائدها، حيث لا يمكن تحديد أوقات معينة لإرسال واستقبال الرسائل، ما قد يسبب الإزعاج من قبل بعض الطلاب لمعلميهم بحكم نقص العمر والتجربة.

ويضيف المشرف التربوي حسين آل مهمل»لا أرى مانعا من تبادل الرسائل بين المعلمين وتلاميذهم، ولكن وفق منظومة وضوابط مشددة، وألا تخرج عن إطارها التربوي والتعليمي السليم، والمتمثل في علاقة المعلم بابنه الطالب، وهي علاق مهنية مبنية على الثقة والاحترام، ولا تتسم بالصفة الشخصية حتى نبتعد بأنفسنا عن الآثار السلبية لها».

شروط التواصل الافتراضي بين المعلم والطالب

الحاجة إلى تقنين مكتوب ينظم العلاقة بين الطرفين

الابتعاد عن تكوين العلاقات الشخصية

عدم استخدام سلطة المعلم بشكل سلبي

الفصل بين الحياة الخاصة والحياة العملية

استخدام الصفحات المعتمدة من قبل المدرسة

إبقاء التواصل في حدود المنهج العلمي والتربوي

الاحترام المتبادل من قبل الطرفين