كلا يا نصر الله، نحن في لبنان وليس في إيران، لسنا نحن من تُهدد وسائل إعلامنا وحريتنا في التعبير التي كرسها الدستور، ولسنا نحن من تكمم أفواهنا بإرهاب السلاح.

إطلالتك يا حسن نصر الله في الأمس ورفضك لاتهام وسائل إعلام «حزب الله» بالوقوف وراء «صفقة مخدرات مضبوطة في إيطاليا»، لا يعطيك الحق بإطلاق تهديداتك المبطنة، والقول إنه «يجب أن نجد حلاً لوسائل الإعلام التي تتناول هذا الموضوع، خاصةً بالنسبة لوسائل الإعلام اللبنانية»، وأنت المعروف أنك لا تعرف إلا الحل الدموي عندما تضيق ذرعًا بمن يفضحون ما يقوم به «حزب الله» في لبنان وحول العالم، ممن يضيئون على عالمكم الخفي من تبييض الأموال إلى تجارة المخدرات والسلاح إلى المؤسسات المالية المشبوهة، وتاريخ الحزب في ذلك طويل، واغتيال جبران تويني وسمير قصير خير دليل على خوف «حزب الله» من الصحافيين الأحرار.

ليس مستغربًا محاولتك يا نصر الله إيهام اللبنانيين أنك الفطن والمتيقظ لما يدور داخل جدران المعارضين لحزبك وسلاحك، ما دفعك إلى الادعاء «نعرف الأرقام ومَن دفع لمن، من مواقع وقنوات ليقوموا بالحملة الإعلامية ضد القرض الحسن، وفكرتهم ترهيب الناس وسحب المساهمين أموالهم، وأن تنهار المؤسسة»، لكن السؤال إذا كنت بكل هذا الدهاء فلماذا لم تعلم، كما سبق أن أعلنت، عن إطلاق سراح عامر الفاخوري سوى من وسائل الإعلام؟! ولم تعلم بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ الذي يسيطر حزبك على كل شبر منه! وبدلاً من ذلك ادعيت أن معرفتك تتخطى الحدود بالقول: «قد نكون على علم بما هو موجود في مرفأ حيفا، ولكن ليس في مرفأ بيروت»!

ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها نصر الله وسائل الإعلام فبعد انفجار مرفأ بيروت خرج على اللبنانيين، مشيرًا إلى أن التحقيقات ستظهر الحقائق، مطالبًا الشعب اللبناني بـ«محاكمة المحطات التلفزيونية التي ضللت الحقائق»، داعيًا إلى «محاسبة المحطات التي حرضت وسعت إلى دفع البلد إلى حرب أهلية»، وقال «لا تزال وسائل إعلام حتى الآن تتحدث عن حزب الله وعلى طريقة اكذب اكذب حتى يصدقك الناس.. هذه المحطات لديها تاريخ في الكذب والتزوير وقلب الحقائق»، ألا ليتك تحدثنا عن تاريخ «حزب الله» وما فعله في لبنان وسورية والعراق واليمن غير سفك الدماء كرمى لمشروع إيران.

ليطل بعدها نصر الله بخطاب جديد في ذكرى عاشوراء، حيث اتهم وسائل الإعلام ببثها الأكاذيب وتشويه سمعة «المقاومة»، داعيًا إلى مقاطعتها، لا بل أكثر من ذلك وسع اتهاماته لتطال سفارات دول أجنبية في لبنان تدفع كما ادعى «ملايين الدولارات لاستهداف حزبه بالأكاذيب عبر جيوش إلكترونية هدفها فرض رأي عام موجه، من خلال غرفة سوداء ترسل النص نفسه لجميع وسائل الإعلام لنشره»، لكن ماذا عن إعلانك أنك جندي من جنود الولي الفقيه في إيران؟! وماذا عن جيوشك الإلكترونية وجيوشك «الواقعية» التي تعيث فسادًا في الأرض في كل مرة يضيق صدرك من الثوار الذين انتفضوا على حزبك وسلاحك؟!

قدسية الكلمة ستبقى أمانة في أعناقنا، لن نخشى يومًا سلاحك، وسنبقى ننطق بالحق بالطريقة التي نجدها مناسبة، لم نهدد يومًا أحدًا بالسلاح والدم كما اعتدت أنت، وسنبقى نرفض الكونتونات التي تمنع الرأي الآخر من دخولها ونقل صورة ما يجري داخلها ما يؤكد لنا أننا على حق، سنكتب من دون قيود؛ لأن الكلمة أقوى من كل الأسلحة، فلن نحيد مهما هددت وتوعدت، وسنبقى نسير على درب الصحافيين الذين عبدوا طريق الكلمة الحرة بدمائهم لكي تنتصر على درب بنادقك وصواريخك.