كثفت البلديات في كل مناطق المملكة جهودها في السنوات الأخيرة لمعالجة الكتابات العشوائية التي تُخطَ على الجدران والأرصفة، والتي تشكل أحد مظاهر التشوّه البصري، وذلك في حملة أطلقتها وزارة الشؤون البلدية والقروية في كافة مدن المملكة، تهدف إلى تحسين المشهد الحضري في المملكة، والرقي بجودة الحياة كواحد من أهداف رؤية المملكة 2030، إلا أن هذا الجهد المكثف ما يزال يقابل بعبث مستمر من قبل البعض، حتى كأنما تحولت القصة إلى لعبة مطاردة تشبه مطاردة القط والفأر، فما إن تنتهي بلدية ما من إزالة التشوه، حتى تفاجأ في اليوم التالي أحيانا بمن يستخدم الجدران لكتاباته ورسوماته العبثية، التي تشكل ملوثات بصرية مزعجة وطاردة لمرتادي المرافق والميادين والملاعب وحتى الشوارع التي تأثرت بهذا التشويه العابث وغير المسؤول.

مظاهر التشوه

تتباين صور التشوه البصري وتتعدد مظاهره، وإن بقي من أبرزها تلك الكتابات المشوهة للمظهر العام، والملصقات، واللوحات الدعائية المخالفة وغيرها.

ولعل أحد أهم أهداف مبادرة معالجة التشوه البصري التي تقوم عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية هو المحافظة على المكتسبات العامة، وتحسين المشهد الحضري الجمالي، وتعزيز الوعي والسلوك الحضاري بأهمية المحافظة على البيئة، وحماية المرافق العامة، ومعالجة التشوه البصري.

ويرى الكاتب عثمان بن حمد أبا الخيل أن الوزارة تتحمل غالب مسؤولية إزالة التشوه البصري وتبديله بما يريح العين، مؤكداً أن الفنانين التشكيليين السعوديين لهم دور كبير في رسم الجداريّات التي تريح العين، ولديهم القدرة الكافية على وضع رسومات من بيئتنا الغنية بالمناظر الخلابة الجميلة. سيما وأن فن الرسم على الشوارع والميادين يعطي للشارع الحياة ويبعد التشوه البصري عن أعين الناس التي تعبت من المناظر المؤذية، ويبين أننا قادرون على أن نجعل في شوارعنا مناظر جمالية تريح النفس وتظهر مدننا ومحافظاتنا بما تستحق من جمال.

عناية بالبيئة

يرى الباحث عبدالفتاح أحمد أنّه في ضوء التطور السريع الذي تشهده معظم المدن حالياً، وخاصة في دول العالم الثالث، أصـبح هناك حاجة ماسة للعناية بالبيئة الحضرية لما تشهده هذه المدن من تدهور خطير في مراكزهـا التي أصبحت غير آمنة، وغير نظيفة، مليئة بالنفايات، ومشوهة بصرياً من خلال جدرانها المغطاة بالكتابات والصور والشعارات، إضافة إلى شوارعها المزدحمة بحركة المركبات والمشاة، وتداخل مبانيها القديمة والحديثة. وهذا يتطلب الاهتمام بالجوانب التخطيطية والمعمارية والتركيز على العناصر البصرية والجمالية لمراكز المدن.

بدوره، يؤكد هاني خليل الفران أنه «يجب وضع دراسات على النواحي الجمالية المقترحة في المدينة مثل علاقة لوحات الدعايـة والإعلان مع المبنى الموضوعة عليه والمباني المحيطة، وتناسبها مع الطراز المعماري للشارع، وبالتالي للمدينة بشكل عام.

تكاتف الجهود

يوصي الباحث عبدالفتاح أحمد بضرورة تكاتف جهود المؤسسات صاحبة القرار مثل البلديات والمحافظات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية والتعاون للحد من هذه المشكلة، وتفعيل أدوار اللجان الرقابية والتنسيق مع مشايخ وأعيان المجتمع المحلي، وتعزيز وتفعيل المشاركة المجتمعية ودورها في إعادة التأهيل لهذه المباني والميادين، ومشاركة المجتمع في تحمل مسؤولية وآثار هذه الظاهرة، والعمل على إعادة تأهيل وترميم المباني المشوهة وتطويرها وتحسينها وحمايتها، ووضع قوانين تحاسب المعتدين بالكتابات العشوائية المشوهة للبيئة مع إيجاد خطط وتصاميم لتطوير المظهر الجمالي والبصري للمدن.

آثار سلبية

يقول عضو لجنة التنمية الاجتماعية المحلية بالبشائر محمد الشمراني: نستاء كثيرا من الكتابات العشوائية المنتشرة على جنبات الطرق وفي المرافق العامة، والتي شوهت تلك المرافق مع غياب الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة التي يقطنها الإنسان، ومع قلة الوعي بالثقافة البيئية والبصرية في المجتمع، ولا شك أن لهذا العبث آثارا سلبية سواء فنية أو جمالية أو نفسية أو حتى اقتصادية، وذات أثر سلبي على الذوق العام والثقافة السياحية والبيئية للمجتمعات البشرية المتحضرة.

ويضيف «نطمع لتطوير بيئات مرافقنا وساحاتنا وطرقنا، إلا أن مشكلة هذه التشوهات العابثة أنها ما تزال مستمرة».

لافتات إرشادية

توصي المصممة نورة السعد بضرورة العمل على خلق وعي عال لدى الجميع تجاه التشوهات البصرية، والتعاون والالتفات إلى ضرورة المحافظة على بيئة نظيفة وجميلة وجاذبة، حتى في وضع واستخدام اللافتات الإرشادية بخطوطها وألوانها لتكون متميزة، والتقليل من الملوثات البصرية في الشوارع والميادين، وتجنب الفوضى البصرية من خلال هذه العشوائيات الكتابية المسيئة للمكان والبيئة، وحث الشباب خاصة على تحسين السلوك البيئي وزيادة الوعي فيما يخص موضوع التلوث البصري للشوارع والميادين، ونشر الآثار السلبية على الفرد وعلى جمالية المكان العام في المدن والمحافظات، وإعطاء جهد إضافي للحد من عملية التلوث البصري في الشوارع والمضامير.

مظاهر من التلوث البصري

كتابات مشوهة للمظهر العام

ملصقات عشوائية

لوحات دعائية مخالفة

حلول لمشكلة التلوث البصري

الاهتمام بالجوانب التخطيطية والمعمارية

استخدام الفن لوضع رسومات معبرة بدل الكتابات المشوهة

تفعيل أدوار لجان الرقابة

دراسة النواحي الجمالية حتى في تناسق لوحات الإعلان مع الأبنية

التركيز على العناصر البصرية والجمالية لمراكز المدن

التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني لزيادة الوعي الجمالي