ليس الأمر بالسن

قدم على عمر بن عبدالعزيز ناس من أهل العراق، فنظر إلى شاب منهم يتهيأ للكلام، فقال: أكبروا أكبروا! فقال: يا أمير المؤمنين، إنه ليس بالسن، ولو كان الأمر كله بالسن لكان في المسلمين من هو أسن منك، فقال عمر: صدقت، رحمك الله، تكلم!

فقال: يا أمير المؤمنين ؛ إنا لم نأتك رغبة ولا رهبة، أما الرغبة فقد دخلت علينا منازلنا، وقدمت علينا بلادنا، وأما الرهبة فقد أمننا الله بعدلك من جورك، قال: فمن أنتم؟ قال: وفد الشكر.

فنظر محمد بن كعب القرظي إلى وجه عمر يتهلل، فقال: يا أمير المؤمنين، لا يغلبن جهل القوم بك معرفتك بنفسك، فإن ناسا خدعهم الثناء، وغرهم شكر الناس فهلكوا. وأنا أعيذك بالله أن تكون منهم، فألقى عمر رأسه على صدره.