بتاريخ 5 يناير 2021 نشرت «الوطن» مقالا بعنوان «طبيب من المهد إلى اللحد» بقلم مريم النويمي، تحدثت فيه عن طبيب الأسرة وأنه نشأ من خمسين عامًا تقريبًا وأن طب الأسرة هو الطب المتكامل الذي يهتم بصحة الإنسان منذ ولادته حتى موته، وأن كل أسرة بحاجة إلى طبيب أسرة يستطيع التعامل مع كل المشاكل الصحية والنفسية، وطبيب الأسرة هو من يعرف التاريخ المرضي للأسرة من الأب إلى أصغر مولود، وهذا التخصص يختصر كل التخصصات لتكون في عيادة واحدة، وقالت إن المفهوم الخاطئ لدى بعض العامة عن هذا التخصص تسبب بأمرين هما: عدم رغبة المرضى في زيارة طبيب الأسرة لأنهم يريدون التخصص المناسب لشكاواهم والآخر عدم إدراك البعض أهمية طبيب الأسرة مما قلل من الأطباء الذين يرغبون في دراسة هذا التخصص وقالت: «طبيب الأسرة هو جزء من الأسرة التي يعالجها، وقالت نحتاج إلى زيادة في أطباء الأسرة ليكون لدينا اكتفاء ذاتي.. إلخ».

بصراحة، فإن كلام النومي عن طب وطبيب الأسرة جميل، ولكن لتعلم أن طب الأسرة لم نسمع عنه إلا منذ عشرين سنة فقط، وعلى الرغم من ذلك لم نجد جديدًا من الأطباء باعتباره طبيب أسرة والذي لاحظته هو نقل طبيب من مركز إلى آخر إيحاء لمن سمعوا أو عرفوا أن هناك كلام متداول بينهم عن أطباء أسرة بأن هذا الطبيب المنقول من مركز إلى آخر هو طبيب أسرة جديد، أما أنا فقد سألت طبيبين أتيا إلى مركز الروابي أيام الحديث عن طبيب الأسرة من أين أتيتم فذكرا لي أسماء مراكزهما السابقة، ولم يعرفا أنه أطلق عليهما طبيبا أسرة؛ ومن ثم فأين الأسر التي سيتعامل معها هذا الطبيب.

الذي أعرفه وأسمعه أثناء أي اجتماع أن البعض من أسر الحي نسيت أن هناك مركزًا في حيهم لعدم التعامل مع طبيبه بسبب الدوام الواحد، بدلا من دوامي الصباح والمساء.. خذ مثالًا حيّا منذ أشهر نقل مركز حي الروابي من شارع العباس رضي الله عنه إلى مكان آخر واتجهت في يوم ما لأسال عن مكانه الجديد وأكثر من ثلاثة أشخاص أعرف أنهم كانوا يراجعون فيه لمتابعة الأمراض المزمنة (سكر وضغط) فلم أجد من يدلني إليه، والسبب توقفهم عن مراجعته لعدم معرفة مكانه الجديد، والأهم من هذا أنه للمرة الثانية ينقل هذا المركز دون علم أهل الحي، بمعنى لم يكتب على المبنى الأول إلى أين نقل، وأمر آخر أنا أحد سكان حي الريان التابع لهذا المركز أقول كان المراجعون أثناء الدوام المسائي يملأون المركز عند دخول فصل الشتاء، وكان هناك ثلاثة أطباء والمريض يمل أحيانا من طول انتظاره الدور لكثرة المراجعين، فإما أن يؤجل مراجعته الطبيب إلى الغد أو يذهب لأقرب طوارئ ولو طلبت مني اليمين لأقسمت بدون تردد، أما وبعد تعديل الدوام إلى واحد، فللأسف مصروفات المركز وما حواه هدر بهدر، فالأطباء والممرضون من الفراغ الذي يشعرون به يقتسمون الدوام ولو دخلت على الطبيب لوجدته يفغر فاه من الكسل وعدم الحركة لقلة المراجعين ومن كان عنده مريض لا يفرغ للذهاب به إلى الطبيب إلا بعد العصر أي بعد انتهائه من دوام عمله، وفي هذا الوقت تكون المراكز قد أوصدت أبوابها.

صدقو أن المراكز الصحية اليوم يجب إلغاؤها ويعطى الساكنون تأمينًا طبيًا أقل تكلفة على وزارة الصحة من تكلفة تلك المراكز، ولو أن مسؤولا قام بزيارة لأحد المستوصفات الخاصة، وسأل بعضًا من المراجعين لم أتيتم هنّا ولديكم مركز صحي لكان الجواب مراكزنا مغلقة من بعد عصر كل يوم وما قبل هذا الوقت نحن في أعمالنا، ولذا أقول للنويمي حديثك عن مراكزنا الصحية وطبيب الأسرة أحلام وأوهام أو أنه أمنيات بعيدة المنال ما دام أن المراكز تعمل بالدوام الواحد وهي الآن تعمل من أجل المتقاعدين ذوى الأمراض المزمنة والسواقين والخادمات لذا أعود وأقول إعطاء المواطن تأمينًا هو أقل تكلفة على وزارة الصحة مما تصرفه على تلك المراكز.