رواد المسرح العربي الأوائل ثلاثة، مارون النقاش من لبنان، أبو خليل القباني من سورية، ويعقوب صنوع من مصر.

في مسرحيته «سهرة مع أبي خليل القباني» يقدم سعد الله ونوس، استعراضا أقرب لأن يكون شاملا لنضالات أبي خليل القباني، في خلق وتثبيت دعائم حركة مسرحية للمرة الأولى في دمشق، ومن أجل تحقيق هدفه هذا حاول الاستفادة من «المسرح التسجيلي» فضمن المسرحية ناحية وثائقية مع إضافة بعض التفصيلات المتخيلة والضرورية، إضافة إلى استعانته بالنصوص المسرحية، التي تركها أبو خليل القباني، وإزاء هذا يقول سعدالله ونوس في تقديمه للمسرحية: هناك مستويان متميزان في هذا العمل، الأول هو مسرحية أبي خليل القباني «هارون الرشيد» مع غانم بن أيوب وقوت القلوب، كما كان يتم تلك الأيام.. أما المستوى الثاني فهو المجريات الوثائقية والتاريخية التي تحكي قصة القباني منذ بداية تجربته المسرحية، وحتى قيام الرجعية بإغلاق مسرحه وإحراقه. إذن لا نزال نتابع مع المؤلف تجربته المسرح داخل المسرح، إذ أننا أمام عرض مسرحي يتضمن عرضا آخر، بيد أن سعد الله ونوس وهو يفعل ذلك، لم يغفل جانب توضيح معالم صورة حقيقية عن واقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في تلك الحقبة التي عاصرها أبو خليل القباني. ويرتئي المؤلف أن تكون خشبة المسرح بمساحتين، الأولى في المقدمة حيث يجري تقديم صورة عن حياة فئات سكان دمشق، كاشفا عن أوضاعها ومشاكلها وظروفها المعيشية، في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر. يتم ذلك من خلال استعراض جهود القباني الهادفة إلى خلق وإيجاد مسرح عربي. أما المساحة الثانية فتقع في العمق، حيث يجري تقديم مشاهد من إحدى مسرحيات القباني، بالشكل الذي كانت تقدم فيه أيامها، وتحد هذه المساحة ستارة واطئة عليها صورة كبيرة تمثل دمشق القديمة، وتتسع خشبة المسرح لتشمل الصف أو الصفين الأماميين من كراسي الصالة، بقصد أن تخصص لجلوس ممثلين يقومون بأدوار نماذج مختارة من مرتادي مسرح القباني في ذلك العصر.