تعد السياحة في المملكة من الاستثمارات الواعدة التي لها مستقبل مشرق - بإذن الله تعالى - في حالة التخطيط السليم لها، ونجاح البرامج السياحية الداخلية يتطلب تكاتف جميع الجهات المسؤولة عنها، وتعاونها مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، ومع إن هناك جهودا كبيرة تبذلها الهيئة بتوجيه، وإشراف، ومتابعة مباشرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ولكن الهيئة وحدها لن تلبي طموحات، وتحقق متطلبات سياح الداخل، ومع أنها قدمت الكثير من المبادرات، والإنجازات، والبرامج، والأنشطة المتعلقة بهذا المجال، ولكن تعاون الجهات الأخرى ذات العلاقة مع الهيئة مطلوب، ولن يتحقق ما تصبو إليه الهيئة من أهداف من دون قيام كل جهة بما هو منوط بها؛ لأن السياحة لها عدة مقومات تعمل بشكل تكاملي، وهذه المقومات مرتبطة بعدد من الجهات.

فالسكن المناسب من الجوانب المهمة، ومن المقومات السياحية الرئيسة التي يبحث عنها السائح؛ فالسائح يبحث عن خدمات ممتازة في السكن، وهذا يتطلب أن يتم تصنيف جميع الفنادق، والشقق المفروشة، والمنتجعات، والشاليهات وفق معايير الهيئة العامة للسياحة والآثار، وأن يتم تحديد تسعير هذه المساكن بأسعار مواكبة للتصنيف، وللخدمات التي تقدمها، وأن تكون تسعيرة الأيام العادية، والمواسم واضحة في مداخل، أو قريبة من الاستقبال للفنادق، والشقق المفروشة، وهناك حاجة لتكثيف زيارات، ومتابعة مراقبي الهيئة على الفنادق، والشقق المفروشة خلال الصيف للتأكد من الالتزام بالأسعار، وأن مستوى الخدمات مواكب للتصنيف الممنوح لهذه الوحدات السكنية، كما أن عملية التصنيف لهذه الوحدات بحاجة إلى مراجعة بعد مرور فترة من الزمن يتم تحديدها من قبل الهيئة، ولا يُكتفى بالتصنيف الذي حصلت عليه هذه الوحدات في بداية تشغيلها، ولكن يتم القيام بالزيارات الدورية، ويتم الاطلاع عن قرب على مستوى الخدمات المقدمة، وبناء على ذلك تتم إعادة التصنيف، أو التقييم.

المقوم الثاني من مقومات السياحة الداخلية توافر رحلات طيران بشكل مكثف في أوقات الإجازات، وهذه الأيام يتم التركيز في التنقل على الطيران، وتوافر مقاعد للمسافرين على مدى العام مطلب أساسي لجميع مناطق المملكة، ويكون في أوقات الإجازات أكثر أهمية، وهنا لن يتمكن السائح من التمتع بإجازته هو وأسرته إن لم يجد مقاعد على خطوط الطيران في الوقت الذي يتوافق مع إجازته التي تكون في الغالب في فصل الصيف، لذلك يتطلب من الخطوط السعودية توفير المقاعد التي يحتاجها السائح في هذا الوقت لمناطق الاصطياف بالمملكة، وهذا يعد من عوامل تشجيع السياحة الداخلية، ولا بد أن ندرك أن عدم توافر رحلات إضافية في أوقات الإجازات يعد معوقا أمام السياحة الداخلية، ولا بد من العمل على تذليل هذه المعوقات.

المقوم الآخر للسياحة الداخلية يتمثل في تكثيف أعمال الصيانة، والنظافة للمتنزهات، وأماكن الجذب السياحي، والمناطق الأثرية التي يرتادها المصطاف خاصة في أوقات الذروة، وهناك حاجة لتوعية مرتادي هذه الأماكن بأهمية المحافظة عليها، وعلى مقدراتها، وعلى نظافتها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال بعض البرامج التلفزيونية التوعوية الموجهة لذلك، وتكثيف حاويات النفايات في هذه الأماكن، ويمكن الاستفادة من بعض طلاب التعليم العام، وطلاب التعليم العالي في المناطق السياحية في توعية مرتادي المصايف، والمناطق الأثرية، ومناطق الرحلات من خلال توزيع بعض المطبوعات التعريفية بهذه الأماكن، وبعض المطبوعات، والنشرات المخصصة للتوعية بأهمية المحافظة عليها، كما يتم توزيع أكياس جمع النفايات على مرتادي هذه الأماكن في المداخل الرئيسة على أن يتم ذلك تحت إشراف بعض مسؤولي الجهات المشاركة من التعليم العام، أو التعليم العالي في فترة الصيف، والإجازات.

نجاح السياحة الداخلية يتطلب التخطيط، والتنسيق المسبق من قبل الجهات المقدمة للخدمات في هذا المجال، والمتابعة المستمرة لمستوى الخدمات المقدمة، وأن تكون برامج الصيف التي تقدم في أغلب المناطق ملبية لتطلعات، ولرغبات جميع أفراد الأسرة بمختلف أعمارها ؛ فتشجيع السياحة الداخلية مطلب أساسي، وله عوائد اجتماعية، ودينية، واقتصادية، وترفيهية كثيرة، وهنا أرى أن المملكة العربية السعودية بها مقومات السياحة الداخلية التي قد تفوق السياحة الخارجية في كثير من الجوانب عندما يتم التخطيط لها مسبقا، فهناك سياحة صيفية، وأخرى شتوية ؛ فهناك سياحة على مدار العام، ويتوقع من رجال الأعمال الإسهام بدور كبير في تعزيز، وتنشيط السياحة الداخلية من خلال الاستثمار في الجوانب المتعلقة بالسياحة الداخلية.