انتشرت في الآونة الأخيرة عدد من الأخبار والرسائل التي تحمل الوعيد والتهديد لمن يحطتب حتى وإن كان شخصي وليس للتجارة، وذلك من أجل حماية الأشجار من الإنقراض والمحافظة عليها رغم أن الاحتطاب من المهن القديمة والشاقة، والتي لا يضطر لها إلا صاحب حاجة ماسة، لكنها تظل أفضل من الجلوس في الطرقات وسؤال الناس.

أنا مع التوعية وتكثيف الرقابة على الحطب المعروض في الأسواق والتأكد من أنه لم يُقطع أخضر، لكني لست مع المنع بشكل عام، فالشجرة التي تموت لن يُرجعها المنع، وكذلك الأغصان والفروع، فعندما تترك سوف تتحول مع الزمن إلى تراب بسبب النخر الذي يطالها مع الزمن، لذلك ليس من المنطق أن نمنع الجميع من أجل فئة قليلة في المجتمع لا تعي قيمة وأهمية الشجر، وهؤلاء سوف يتجاوزون الأنظمة واللوائح لأن هذا نهجهم وديدنهم.

الأهم من هذا كله الفئة التي تعتمد على الحطب في حياتها اليومية ممن يسكنون البادية والأرياف حيث أن الحطب مصدر النار لهم لطبخ طعامهم وشرابهم وتدفئتهم خاصة في مثل هذه الأيام قارسة البرد، كذلك الفئة التي يكون الحطب والفحم مصدر رزقها الوحيد وماشين بما يرضى الله ولا يقطعون الأخضر ويحافظون على الأشجار لذلك بقيت الأشجار ليومنا هذا، فهم يدركون أنها مصدر رزقهم وعماد حياتهم بعد عون الله، فهم لا يعرفون غير هذه المهنة رغم مشقتها لكنهم راضين بما قسم الله لهم، فهل استشعرنا معاناتهم ونظرنا في وضعهم بعين العدل والإنصاف ووقفنا معهم، فالإنسان أغلى ما على هذا الكون وكل شيء مسخر له، لذلك لا يجب أن نحجّر واسعًا وأن نجعل الأنظمة والقوانين ميزان عدل وخير وليس معول هدم وضياع لمصالح الناس، فهل من إعادة نظر في قرار منع الاحتطاب؟ وكلنا في خدمة الوطن.