وطن مفتون، ثورات ، حرائق، نهب ، قتل ، دمار اقتصادي، خروج عن ولاة الأمر ، هي أمور نصف بها حال جزء كبير من الوطن العربي . إنها فتنة ربما تكون قد طبخت على نار هادئة، أعد لها إعداداً جيداً ، وبدأت في وقت شديد الحساسية، فموجة الغلاء الفاحشة ، التي أصبح معها كثير من أبناء الدول العربية منخفضة الدخل يعانون من كيفية الحصول على لقمة العيش ، أدت هذه الموجة إلى انجراف كثير من أبناء هذه الدول خلف التيارات المنظمة التي استغلت نقطة ضعف وتوقيت شديدي الحساسية، فسقط نظام وتلاه الآخر، وهاهي العدوى تنتقل من دولة إلى أخرى ، فالإعلام أوهم أبناء تونس ومصر بأنهم قد انتصروا، ولكن هيهات ، لقد أخطأ الإعلام العربي عندما ساهم في زيادة احتقان الشعوب ضد أنظمتها وحكوماتها ، بل وكان له دور أساسي في تلك الثورات العربية ، ولكن للأسف الشديد لقد فقد الإعلام أهم سمة يمكن أن نسمه بها ، ألا وهي عقلانية الطرح ، فلماذا لم يوضح هذا الإعلام خطر هذه الفتن على المنطقة ككل ، وهي منطقة مستهدفة من قبل العديد من الأعداء المجاورين لها ؟ ، ولماذا لم يوضح ما هي الآثار المترتبة على كافة الجوانب والأصعدة ، التي من أهمها الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية ؟ هل هذه الدول قادرة على استيعاب ما سيحدث بداخلها من نزاعات على السلطة ، ربما يصل الأمر بها إلى حروب أهلية ؟ وهل اقتصادات هذه الدول تحتمل هذه الصدمات المتتالية ؟ للأسف الشديد فإن الإعلام قد أرسل رسائل مغلوطة ، ستعلم هذه الشعوب الثائرة بعد وقت ليس بالبعيد مدى خطئها عندما انجرفت خلف هذا الإعلام .

نحمد الله أن وقى بلادنا شر هذه الفتن ، فحكمة ولاة أمرنا، وتلمسهم حاجات المواطنين، وعملهم الدائم على رقي الوطن و المواطن، وإزالة كافة العقبات التي تقف في سبيل ترفيه المواطن ، وغيرها مما يصعب ذكره في هذا المقال، كلها أمور انعكست على المواطن السعودي لتجعل منه ذلك الأنموذج الذي يحتذى به، ولكن بقي علينا ألا نكتفي بدور المشاهد ، وأن نعمل من أجل وطن كبير يفتن، أقصد به الوطن العربي الكبير، يجب علينا أن ندعو لهم أن يكفيهم الله شر الفتن، فالدعاء سلاح لا يستهان به ، كما يجب علينا أن نوصل صوتنا من خلال المنتديات والمواقع العالمية، فهذه المواقع التي استغلت في إثارة الفتن ، يجب أن نستغلها في إخماد الفتن ، فنبين للناس حكم الخروج على ولي الأمر، ونبين الآثار الاقتصادية الخطيرة جراء ما يحدث.