يفتقد الكثير من الأبناء للذة الحديث والنقاش وتبادل الآراء والمزاح والضحك مع آبائهم، ويرهبون من البقاء معهم لعدة دقائق. وفي احتياجات الابن الشخصية تجده يوكل من ينوب عنه ليطلب له ما هو في حاجته من والده إما خشية منه أو خجلا.

ويقول الأخصائي النفسي العيادي والجنائي الدكتور عبدالله الوايلي، إن التهرب وعدم الجلوس مع الأبناء له أسبابه المتعددة فهي ذاتية وجماعية، والتي منها غياب لغة التفاهم والحوار وفرض لغتي الأوامر واللامبالاة، حيث يصبح الأب متأمرا والابن متذمرا، وكلاهما يسلك التنمر بطريقته على الآخر.

الفجوة الجيلية

يقول الوايلي «من الطبيعي جدا أن يؤثر اختلاف الأجيال والثقافات على العلاقات الإنسانية والاجتماعية بشكل عام، خاصة علاقة الآباء بالأبناء، ومن هنا يحدث ما يسمى بالفجوة الجيلية بحكم المتغيرات النفسية والاجتماعية الجبرية والتي فرضتها العولمة وآلياتها، وكل تلك الآليات تنعكس سلبا في الغالب على العلاقة الضمنية بين الجد والأب والابن، فيتجنب الأبناء الجلوس مع آبائهم وأجدادهم ليس كرها أو رفضا لهم ولكن لاختلافات الاهتمامات والرؤى، فعوامل الجذب السابقة كالقصص والحكايات والبطولات لم تعد تجدِ نفعا بالوقت الحالي».

علاج الأسباب

يشير الدكتور الوايلي إلى أنه من أجل أن نوجد علاقة مميزة بين الآباء والأبناء لابد أن نعالج الأسباب المتمثلة في عدة أبعاد ثقافية ونفسية واجتماعية وتعليمية، فالأزمنة تتغير والأجيال تتغير فما يمكن عمله وتقبله والدفاع عنه سابقاً لا يمكن فرضه حالياً، ولذلك لابد من تغيير سياسة التربية وتأسيس ثقافة الحوار بين الآباء والأبناء وتنمية مهارات الاستقلالية وآلية صنع القرار.

قضية شائكة

يوضح الدكتور صالح بن شامان دكتوراه في التربية وأخصائي نفسي ومدرب معتمد، أن هناك عوامل أخرى ظهرت مؤخرا، وهي استخدام الأجهزة الذكية منذ وقت مبكر، وهذا يجعل الطفل يكبر وهو منطوٍ على نفسه ويتهرب من أسرته وهذا الأمر له آثار كبيرة على الأبناء وبناء الشخصية فغالبا ما يكونون ضعيفين، والعلاج لابد من التقرب من الأبناء والاستماع لهم، وفي حالة أن الأمر استمر فعليه مراجعة مختص نفسي ليساعده في إيجاد الحلول المناسبة، فقد تكمن المشكلة عند الأب نفسه وتراكم عقد نفسية في حياته.

سلوك عكسي

يضيف الأخصائي النفسي بمستشفى المؤسس خالد الملايو «إذا زاد الخوف عن حده الطبيعي وزادت مدته يعتبر نوعا من الاضطراب، وكما هو معروف أن المنزل يعتبر من أحد المؤسسات التعليمية الأولى لدى الفرد، ولكن إذا كان يتسم بالعنف والتربية غير السليمة والسوية ويوجد أيضا عنف أسري، فمن المؤكد أن الموضوع سوف يكون له سلوك عكسي لدى تنشئة الأبناء».

دكتاتورية الآباء

يكشف الأخصائي الاجتماعي حسين جليدان آل عباس، أن ثقافة الحوار الأسري غائبة في مجتمعنا للأسباب التالية: غياب الأب عن البيت والأسرة وكثرة انشغاله، وغياب ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة وضعف المعرفة لدى الآباء بخصائص النمو للأبناء، وسطوة وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة غيبت الحاجة للحوار والنقاش، ودكتاتورية بعض الآباء وممارسة السلطة في غير محلها.

أهم أسباب الهروب من الآباء

- الرغبة في الاستقلالية والهروب من الرقابة

- غياب التفاهم ولغة الحوار

- فرض لغة الأوامر

- العنف الأسري الجسدي واللفظي

- غياب الأب عن البيت وكثرة انشغالاته

- سطوة وسائل التواصل الاجتماعي

- دكتاتورية بعض الآباء

- جماعة الرفاق والأصدقاء

- الخلافات الأسرية

- النقد المستمر لتصرفاتهم

- الخوف من المغالاة في ردة فعل الآباء

- سلوكيات بعض الآباء المفتقدة للقدوة