المشهد.. مواطن يطالب ويراجع ويجري هنا وهناك.. يطالب باسمه وباسم أهله وقومه، يجتهد ويتعب في ذلك كثيرا. الخدمة عامة والطلب مشروع، بل ومطلب من مطالب الحياة.

تمضي السنون وهو يتنقل بطلبه هنا وهناك، بين تلك الدوائر الحكومية، ليستوفي كل الطلبات والمتطلبات، وما إن تبدأ الفرحة تشق طريقها إلى مُحيَاه، بوصوله إلى خط النهاية في ذلك الماراثون حتى تحشر معاملته في الأدراج. عليه الانتظار حتى موعد التنفيذ، وكل تعبه ذاك على بند الانتظار.. ليبدأ مشواراً آخر بين التعميد والمقاول وحتى نهاية الأجل أيهما أقرب!

في مشهد آخر يحمل الزمان ذاته وربما التوقيت نفسه. يأتي آخر من بعيد لم يخض غِمار ذلك الماراثون، و ليس في الصف ولا حتى ضمن قوائم الانتظار، لكنه وصل على بساط الواسطة أو المحسوبية.. ليُنفَذ له الطلب ذاته، دون تأخير أو انتظار أو حتى معاملة أو طلب..!؟ وإلى هنا وليس كفى... هناك مشهد ثالث في الجهة الأخرى، حيث يظهر مواطن آخر جاء بطلب كذاك ولكن صوته كان يسبقه كطلقات الرصاص... ففُرش له البِساط والكل به أحاط، شبيك لبيك الكل بين يديك، وطبعا طلبه أمر لا يحتمل حتى النقاش حتى لو فيه بعض التجاوزات... كيف سنحد من ذلك التلاعب و تلك الوساطات..؟ كيف سندعم ونرفع مؤشرات الثقة في التعامل ؟!

كيف سنقضي أو نضيق على مدارج الفساد؟ كيف سندعم مؤشر الثقة، وبما سنضيق على الفساد ونحن ما زلنا لا نسير وفق قواعد، أو حتى ملفات توضح وتوثق العمل، وأعني قواعد بيانات وخرائط أو مخططات توضح الأماكن التي وصلت إليها الخدمة والأماكن، التي لم تصل إليها والمواقع المستهدفة، خصوصا خدمات البنى التحتية.

ألم ندرك بعد أن العمل الاستراتيجي المنظم، بات يتسابق في فتح ملفات للعملاء، ويستقصي احتياجاتهم ويتعب على الوصول إليها وتنفيذها، وتذليل كل العقبات في سبيل ذلك؟! إنه عصر التسويق وتجويد الخدمة، والبحث عن العملاء وطلب رضاهم بل والبذل في ذلك...؟!

إننا في عصر الحوسبة والأنظمة الإلكترونية ومؤشرات الأداء؟! وحتى ندرك ذلك سيبقى السؤال يفرض نفسه..كيف سنحد من ذلك التلاعب تلك الوساطات..؟ كيف سندعم ونرفع مؤشرات الثقة في التعامل ؟! كيف سنقضي أو نضيق على مدارج الفساد؟.

سؤال يجر الآخر حتى تنفذ الإجابة من عنق الزجاجة.