نجحت السعودية بل وتفوقت على كثير من دول العالم منذ بداية الجائحة، في كبح جماح فيروس كورونا عبر خطط محكمة كان جوهرها حماية الانسان أولاً، ووقودها جهود كبيرة شاركت بها كل القطاعات، تعاون فيها الجميع فانخفضت الحالات الجديدة لأدنى مستوياتها، والأمر نفسه حدث مع مؤشرات الحالات الحرجة والوفيات رحمهم الله. ولكن يبدو أن البعض فسر هذا النجاح وهذه المؤشرات على أنها نهاية الجائحة فبدأ التراخي وعادت المؤشرات معها للارتفاع.

أجواء الشتاء الجميلة ووصول اللقاح ساهما بشكل أو بآخر في تراخي الكثيرين وضعف الالتزام بالإجراءات الوقائية، زادت الطلعات والكشتات والتجمعات والسناب شات شاهد، وبدأ البعض في التندر على من لا زال يحرص على الالتزام، فأصبحنا نسمع كثيراً عبارات مثل «لسه خايف من كورونا!» ونجد البعض ممن حصل على اللقاح بدأ في ممارسة حياته كما كانت قبل الجائحة نازعاً الكمامة أو متهاوناً في إحكام لبسها متساهلاً في التباعد والتجمع وكأنه منيع!

وصول اللقاح وبدء التطعيم هو مجرد نصر جديد للعلم والبشرية في طريق النصر الكبير ضد هذا العدو الذكي الشرس. اللقاحات بشكل عام تهدف لمنع العدوى والمرض ولكن القليل منها تصل كفاءته لتحقيق هذا الهدف، فبعضها يمنع العدوى ويخفف حدة المرض، وأخرى تمنع المرض لكنها لا تمنع العدوى، بعض لقاحات كورونا كلقاح فايزر بايوتنك وموديرنا أثبت فعالية عالية في ظروف الدراسة المحكمة وصلت لأكثر من %95 في منع المرض والأعراض الشديدة عند المرض، لذا فما زال هناك احتمال أن يصاب الشخص رغم حصوله على اللقاح بالمرض وربما ينقل العدوى لغيره، وإن لم تظهر عليه أعراض. اللقاح سلاح مهم ولكن ليقضي على الجائحة عبر ما يطلق عليه مناعة القطيع لا بد من أن يتم تطعيم نسبة عالية من الناس ربما تصل لأكثر من %70، وهنا أيضاً تظهر تحديات أخرى كالإنتاج والتوريد والنقل والحفظ والتطعيم، ناهيك عن إقناع المترددين. لذا فالمهمة صعبة وتحتاج لوقت ليس بالقصير، ومع ظهور السلالات المتحورة يزداد الوضع صعوبة، وتكبر التحديات، ففعالية اللقاحات ربما تتأثر وخصائص الفيروس ربما تتغير وبدورها من الممكن أن تعقد وضع الجائحة، فالسلالة المتحورة في بريطانيا مثلاً ثبت أنها أسرع انتشاراً بينما تلك التي نشأت في جنوب إفريقيا ربما تكون أشد ضراوة وربما لا يجدي معها بعض اللقاحات الموجودة حالياً.

كورونا ما زال يضرب العالم من حولنا بقوة والأرقام في بعض الدول وصلت لمستويات قياسية أعادت معها تلك الدول فرض إجراءات مشددة من إغلاق وحظر تجوال، وتقييد لحركة الملاحة وضبط الحدود وإيقاف قبول القادمين من بعض الدول، وغيرها من الإجراءات الصارمة لمحاولة الحد من الانتشار السريع وتخفيف الضغط على النظام الصحي.

الأكيد بحول الله أن هذه الجائحة إلى زوال ولكن أثبتت الجائحة أن سلوكياتنا هي مفتاح التغلب على هذه الجائحة، لذا لا بد من أن نستشعر المسؤولية ونلتزم بالوقاية والإجراءات الاحترازية، فهي بلا شك أساس النجاح في هذه المعركة بإذن الله، وأثبتنا قدرتنا على تطبيقها الذي انعكس على المؤشرات لدينا الشهور القريبة الماضية، ولنسلم ويسلم الوطن سنلتزم!