ارتبط بقصة حب عميقة مع الموسيقى منذ نعومة أظفاره، أحبها بكل أعماقه، وأينعت بوجدانه على مر الأيام والسنين مرتبطة بالشوق والحنين الذي لا ينضب، فالتحق بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة، حيث استطاع تنمية مهاراته وقدراته الموسيقية وصقلها أكاديميًا، مكنته فيما بعد لأن يفرض اسمه وبقوة في الساحة الغنائية.

إتقان المصرية

كان الفنان عبدالقادر حلواني، متأثرًا جدًا بكل أشكال الفنون، كان في صباه دائمًا ما يشاهد الأفلام السينمائية العربية، المصرية على وجه الخصوص، وكان محبًا لأغاني الكبار من نجوم الغناء في مصر، خصوصًا الموسيقار محمد عبدالوهاب.

شارك في التمثيل بمحض الصدفة، حينما كان في مصر وهو في سن متقدمة، وأجاد اللهجة المصرية بحكم الدراسة، طلبه أحد المخرجين ذات مرة بأن يؤدي دورًا بسيطًا، وهو أن يضرب أحد الأشخاص بالحارة ويهرب، وفعلًا أدى الدور بإتقان، ولبراعته في إتقان اللهجة المصرية لم يعرف أحد أنه سعودي سوى المخرج الذي اختاره لأداء الدور.

الاستقرار في الرياض

تميز عبدالقادر حلواني في شبابه بعذوبة صوته، كان متميزًا جدًا في انتقاء الجُمل الموسيقية، فبعد دراسته بالمعهد الملكي للموسيقى العربية بالقاهرة، الذي افتتح في عهد الملك فؤاد الأول، أصبح خبيرًا بقواعد الموسيقى. إلمامه بعلوم المقامات والإيقاعات، جعلته يختزل في ذاكرته العديد من الصور واللوحات الموسيقية. فاستقر في الرياض بعد أن ساعده طارق عبدالحكيم في إيجاد منزل صغير يأويه، وزامله أستاذًا في معهد الموسيقى العسكري، ولكونه مؤهلًا أكاديميًا بفنون الموسيقى، استفادت منه الإذاعة السعودية في التنويت الموسيقي، وكان دائمًا ما يمضي وقته في العزف على آلة العود، والتأمل الموسيقي لصياغة الألحان.

مدرسة مستقلة

بدأ نجم عبدالقادر حلواني يرتفع في مطلع الستينيات الميلادية، وأصبح صاحب أسلوب ومدرسة مستقلة بذاتها، كان من ضمن أوائل المشاركين في الغناء على «مسرح الإذاعة والتلفزيون»، وقدم مع الشاعر محمد الرشيد أجمل الأغاني في تلك الفترة، ومنها أغنية «وش تبيني بس أسوي جارت الدنيا علينا»، وأغنية «يا شاغل بالي يا اسمر»، وأيضا أغنية «جاي تقولي»، و«أنا قلبي من حديد».

لم يكن العود الآلة المحببة الوحيدة لقلب عبدالقادر حلواني، بل كان أيضًا يجيد العزف على آلة القمبس، وهي آلة تركية، ودائمًا ما يتذكر حينما كان يشارك مع الفرقة الموسيقية كعازف لآلة القمبس؛ تلك الآلة التي لم يستطع أحد من أبناء جيله منافسته بالعزف عليها.

حين زار دولة الكويت عام 1974 وجد حفاوة وتقديرًا من الفنانين الكويتيين والمسؤولين، وسجل لتلفزيونها وإذاعتها عددًا من الأغاني.

اللون المصري

لحن عبد القادر حلواني لعديد من الفنانين والفنانات العرب، وكان على رأسهم محمود الإدريسي، وهيام يونس، كما ساهم بتلحين العديد من الأناشيد الوطنية، والتي كانت دائمًا ما يفخر بأدائها داخل وخارج الوطن، حيث كان كثير التردد على مسارح القاهرة.

وأحيا حفلا كبيرا في القاهرة عام 1975 بمشاركة الفنانة فايزة أحمد، وقوبل باستقبال كبير من الجمهور المصري، خصوصا أنه متأثر باللون المصري في معظم أغانيه، وعندما سُئل في لقاء صحفي عام 1978 لماذا يطغى على ألحانك اللون المصري؟ أجاب بأنه يَعتبر ألحانه موسيقى عربية مطورة، وأنها تُسمع في جميع الدول العربية، ووصف نفسه بقوله: أنا مدرسة لوحدي.

ممثل آسيا

امتاز عبدالقادر حلواني عن أقرانه باهتمامه بموسيقى الشعوب، حيث تغنى بألحانه الكثير من فناني العالم بلغات مختلفة، منها اللغة اليابانية، واللغة العبرية في دول شرق آسيا وأوربا، بالإضافة إلى مهاراته في مزج الجُمل اللحنية الشرقية والغربية، وإظهارها بمقطوعات ونغمات تسحر الأذان والقلوب، ففي عام 1982 وبدعم من الرئيس العام لرعاية الشباب - آنذاك - الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز، رشح لتمثيل قارة آسيا في اللقاء الذي عُقد في بروكسل حول الفن الشعبي والموسيقى.

وفي عام 1983 أعد تسجيلات موسيقية تضم بعض المقطوعات الخاصة به، والتي امتزجت بموسيقى غربية لتواكب التطور العالمي في هذا المجال، كما شارك في العديد من المؤتمرات والاحتفالات الموسيقية على مستوى العالم فقد كان - رحمه الله- أحد أعضاء المجمع العربي للموسيقى بجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى عضوية جمعية المؤلفين والملحنين بباريس، وعضوية لجنة الموسيقى العليا بالقاهرة، وعضوية معهد الموسيقى العربية بالقاهرة.

معاناة ورحيل

إضافة إلى الكويت أجرى عبدالقادر حلواني رحلات عديدة لمختلف الدول العربية، منها سفره إلى طرابلس الغرب في ليبيا عام 1979، مندوبًا للمملكة في مؤتمرالمجمع العربي للموسيقى الذي تشرف عليه جامعة الدول العربية، وزيارتة للمملكة الأردنية 1980، حيث سجل 6 أغان لصالح الإذاعة والتلفزيون هناك، وأجرى معه التلفزيون الأردني لقاء فنيًا.

كما انضم إلى جمعية المؤلفين والملحنين الموسيقيين المحترفين في كل من باريس والقاهرة ويعتبر عبدالقادر حلواني أول فنان سعودي يحصل على عضوية هاتين الجمعيتين.

وبعد معاناة دامت لأعوام مع المرض وتفاقم الألم أثناء غسيل الكلى، انتقل الفنان الكبير عبدالقادر حلواني إلى رحمة الله عام 2013 عن عمر يناهز الثمانين عامًا، ليرحل رجل شاهد على نقلات التطور الموسيقي في بلادنا الغالية.

- عبدالقادر بن أحمد حلواني

- ولد بجدة عام 1938

مناصب:

قائدًا لأوركسترا الحرس الملكي.

مديرًا للشؤون الفنية بمعهد الأمن العام.

مديرًا للشؤون الفنية بموسيقى الجيش.

مديرًا للشؤون الفنية بالأمن العام.

مديرًا لإدارة الفنون الشعبية برعاية الشباب.

نائب رئيس المنظمة الدولية للفن الشعبي والموسيقى بالنمسا.