نعيش، بفضل من الله وتوفيقه، ثم بفضل جهود حثيثة وخطوات متسارعة مدروسة من عراب الرؤية وحامل رايتها سمو الأمير محمد بن سلمان- حفظه الله- حالة تنموية استثنائية نحو حاضر متجدد ومستقبل واعد بمكانة متميزة من التطور البنيوي للدولة، تتم الإصلاحات والتطويرات في سلسلة من التغييرات المطلوبة لتصحيح المسار في جميع اتجاهاته ومؤسساته، لنحصد ثمار التحديث في منظومته الجديدة ونلامس تطلعاتنا وآمالنا في حقائق ملموسة، تنتظم بها معاملاتنا وتُوجه خلالها مؤسساتنا نحو تحقيق متطلبات الرؤية وأهدافها لبناء السعودية الجديدة، بطموحاتها ورؤيتها المستندة على بنية راسخة وقاعدة متينة من التشريعات والأنظمة التي تستدرك ما نعيشه من تحديات وتعالج ما نواجه من عقبات تحد من منجزاتنا المستحقة.

ومع الترقب المنتظر لإطلاق مجموعة التطويرات للمنظومة التشريعية، وبما يلحقها من بنود ومواد قانونية تستكمل ما تم إقراره منذ فترات قريبة متوالية، فإننا نستبشر بعصر جديد من التحولات الوطنية ونقطة تغيير مهمة في التاريخ السعودي التنموي والإصلاحي والتشريعي، إذ تستند جميع المعاملات والإجراءات المؤسسية على منظومة من القوانين والتشريعات، التي أصبحت لا تناسب السعودية الجديدة في حُلتها القائمة والمنظورة، ولا تحقق أهداف رؤيتها وتطلعاتها، وذلك يتعلق بمجموعة من الأنظمة المؤسسية وقوانين الأحوال الشخصية لضبط التعاملات والأداء بما يخدم جودة الحياة والتميز المنشود.

استحداث أنظمة وتشريعات، وإصلاح قوانين تحفظ الحقوق وترسخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان بما يحقق التنمية المستدامة، أصبح أمرا لا بد منه بما تقتضيه الضرورة وتفرضه متطلبات العصر نحو تطوير البيئة التشريعية، والذي يشمل في مضمونه مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع نظام الإثبات، ومشروع مدونة الأحكام القضائية، والذي سيسهم جميعه في مزيد من الإصلاحات العميقة التأثير، والشفافية الضابطة لتقييم مستوى الأداء وحوكمته والحد من الفساد، وبما يدعم إمكانية التنبؤ بالأحكام المستندة إلى قانون تشريعي، ويسهم في تعزيز مستوى النزاهة وكفاءة الأجهزة العدلية، في تحقيق العدالة المطلوبة.

تنظيم المؤسسات وضبط أدائها يؤدي لتحسين مستوى عطائها، ويرتبط به تحسين مخرجاتها وتعزيز قدرتها على احتواء ما نواجه من تحديات خارجية وداخلية، سواء ما يتعلق منها بالجانب التشريعي والحقوقي بصفة عامة، أو ما يتصل منها بالمرأة ومستحقاتها في قانون الأحوال الشخصية على وجه الخصوص، والذي يشهد، بفضل من الله، ثم بفضل قيادة حكيمة واعية؛ مرحلة نوعية من التطوير التشريعي والحقوقي المنُظِم للوائحه وبنوده، التي أعاقت تنمية المرأة وحرمتها من مستحقاتها التي كفلها لها الشرع لعقود، فُعطلت قدراتها لحقبة من الزمن وجُمدت حريتها في أحقية اتخاذ كثير من القرارات المصيرية التي تؤثر عليها شخصياً، بحكم العادات الاجتماعية والتطرف الديني نحو قبول وجودها ومشاركتها في المجتمع، والتشكيك في تمكنها من تحمل مسؤولياتها الخاصة، ومسؤولية من تعول في ظروف استثنائية تواجهها المرأة.

تستند معظم لوائحنا المؤسسية التنظيمية والتشريعية لحقبة تنموية مختلفة، كانت تعيشها السعودية قبل نحو نصف قرن من الزمان، شهدت خلالها المملكة تطورات مرحلية ونهضة تنموية شملت جميع المقدرات الوطنية، في جميع المجالات التنموية، في حين ظلت كثير من الأنظمة والتشريعات قابعة في ملفاتها القديمة، رغم أتمتتها في قوالب جديدة لتيسير التعاطي معها، إلا إنها ظلت محافظة على موادها ولوائحها العتيقة، حتى اتسعت الفجوة بينها وبين ما نعيشه من تحولات تنموية ومتطلبات عصرية، وأصبحت عائقاً يقف أمام كثير من تعاملاتنا المدنية والحقوقية والتشريعية، بما استوجب التدخل السيادي برؤية وطنية عصرية تستوعب حجم التطلعات وتدرك مستوى التحديات التي تولدت، كنتيجة لذلك الركود والجمود الذي لحق بهيكلها المؤسسي في بنيته التنظيمية.

نهنئ المواطنين بهذا التوجه المسؤول، وهذا الاستدراك المستمر لجميع متطلبات جودة الحياة وتحقيق احتياجات التنمية المستدامة؛ بالأخذ بجميع ما يخدم بلورت برنامج التحول الوطني المنشود إلى نموذج وطني رائد، ونبارك للقيادة والوطن هذه الإنجازات المدروسة والعطاء الواعد، بمستقبل مشرق ومكانة متميزة تستحقها المملكة ومواطنوها وجميع من يشاركنا أرض هذا الوطن المعطاء بخيره وينعم بأمنه واستقراره... دام عزك يا وطن.