هناك أسماء من أبناء منطقة عسير أسهموا قبل نصف قرن أو أكثر في المشهد الإعلامي والمكون المعرفي، مع تقديم إضافات تنويرية ومعطيات موضوعية، واشتغالات عميقة الصلة بمجتمعاتهم، حيث تحتفظ الذاكرة التاريخية برقم ليس بالكبير، ولكنه يليق بزمنه ومرحلته ومنجزه.

حضروا في الزمن الصعب، والإتاحات الإعلامية المتواضعة، والوسائل البدائية المستجلبة، لكنهم كانوا على درجة كبيرة من الصدق والرهافة والجاذبية والامتلاء الطموح. عند تحريك الذاكرة، تنسرب أسماء متوهجة تنتسب للعائلة الإعلامية بكل تمدداتها وأبوتها، حيث يستحيل الافتكاك من حضورها مثل سعيد الغماز - رحمه الله - في مرحلة مبكرة جدا، ثم تأتي مجموعة أخرى في سنوات لاحقة (حسين الأشول، ويحيى بن إبراهيم الألمعي، وسليمان الحفظي، وأحمد الترابي، وتركي العسيري، وعبدالله آل الشيخ، وسعيد الأسمري، وعلي وعبدالله الأسمري، وناصر الشهري)، وغيرهم ممن سقطوا سهوا من الذاكرة المنهكة، كانت لهم مآرب جليلة ممعنة في الإخلاص النبيل، والهدف الأسمى، والإسهام في مسيرة التنمية في المنطقة، والاحتشاد لها من خلال التواصل مع المؤسسات الإعلامية، وبالذات المقروءة، والاصطبار على كل ما يعترض طريقهم من صعوبات وإكراهات في كيفية بعث مشاركاتهم واستطلاعاتهم وأخبارهم وتغطياتهم، نظرا لتواضع وسائل الاتصال مع المطارح الإعلامية في الرياض وجدة، وغيرها من المعوقات.

رحل البعض منهم وبقي آخرون، فهل نقول لهم «شكرا» ونذكر الأجيال الإعلامية الحالية بهم؟، هذه أمنية لا يصعب تحقيقها، فما أجمل الوفاء لمن يستحقه في بلد الوفاء.

قبل أكثر من 60 عاما، كتب الأستاذ «حسين الأشول»، في العدد 259 من مجلة «اليمامة» في 1380 من الهجرة، مقالا بعنوان «مشروع السنوات الخمس لإصلاح أهم المرافق العامة بمدينة أبها»، يقول فيه: «بعد أن عين الأستاذ عبدالله بن حميد، الكاتب والباحث المعروف رئيس ديوان إمارة أبها، رئيسا لبلدية أبها، فإننا لا ننكر أنه قد ورث تركة لا تسر الصديق، ولكننا في الوقت نفسه يغلب علينا التفاؤل، لأن الظروف كلها في صالحه، وليس في حاجة إلا إلى زيادة في التشمير عن ساعديه، ومواجهة العمل بروح الحزم والعزم والعناد، التي هي إحدى مميزاته، ويغلب علينا التفاؤل، لأن علاقته مع رجال الحكومة، وفي مقدمتهم سعادة الأمير تركي بن ماضي، على خير ما يرام، وهذا من أول شروط النجاح، وكذلك ننتظر من الأستاذ علي علوان، رئيس المجلس البلدي، ومن زملائه أن يظهروا كل ما أوتوا من رغبة في العمل والتعاون، لإصلاح المدينة التي ركزت ثقتها فيهم، وقد تدارسنا مختلف نواحي الإصلاح مع المجلس البلدي، فوجدناها لا تكلف إلا نحو 6 ملايين ريال، مقسمة على 5 سنوات، تشمل:

- مشروع محطة توليد الكهرباء

- مشروع مياه الشرب

- إنشاء وترميم مجاري تصريف المياه

- فندق يعمر ويدار لحساب البلدية

- بناء سلخانة ومجزرة حديثة

- شراء دركتر

- فتح ثلاثة شوارع في المدينة: الأول من البديع في حي مناظر إلى بيت السبيعي، مارا بالحضرة ومازن والمخلوطة، والثاني من البديع شاقا الربوع ونعمان على الوادي من جهة المجزرة الحالية، والثالث في وسط القرى من بيت أبوهليل إلى بيت بن محماس.

- رصف الشوارع العامة بالحجر بدلا من الأسفلت

- شراء وتركيب أضواء شوارع المدينة وميادينها العامة

- تشجير الشوارع والميادين والجبال المحيطة بأبها

- إنشاء ثلاثة كباري في الخشع ورفصة مناظر والصفرا

- تمهيد طريق المطار وإنشاء استراحته وربطه تليفونيا بالمدينة

- بناء عمارة للبلدية وجراج

- توسيع الجهاز الفني والإداري للبلدية».

ويذكر «الأشول» في آخر مقاله: هذه مطالب المثقفين والتجار والموظفين التي تتردد على ألسنتهم في كل اجتماع، نعرضها ونقبل أي مناقشة فيها بروح البحث عن الحقيقة، وغرض تحقيق الإصلاح، وليس لنا فيها من دور سوى جمعها وتنسيقها، تجاوبا مع الروح السامية النبيلة التي انبعثت مع تشكيل مجلس «التخطيط الأعلى».