فكرة البنوك وخصوصا التجارية منها بشكل عام، هي استقبال أموال المودعين، وحفظها آمنة حتى يسحب المودع أمواله، بينما في الفترة ما بين الإيداع إلى السحب يمكن للبنوك استثمار هذه المبالغ عن طريق التمويل والاستثمار، ففي الوقت الذي قد أودع عميل ما مبلغ 100 مليون ريال لدى أحد البنوك، تجد هذا البنك وفي أقصر مدة قد أوجد عملاء يحتاجون تمويلات بمبالغ عدة ملايين، واستفاد البنك من هذا المبلغ المودع، وصاحب المبلغ المودع استفاد أن فلوسه آمنة، ويسهل عليه الوصول إليها ببساطة، ويمكن أن يدخل هذا العميل مع هذا البنك في صناديق استثمار محلية ودولية، ويكون العميل له جزء من الأرباح وهكذا. السؤال هنا: ألسنا حاليا نمر بمرحلة الشباب الحالمين بأفكار مجنونة خارج الصندوق، والذين يتلقون كامل الدعم من حكومتنا الرشيدة لتحويل هذه الأحلام إلى حقيقة، ألم تكن رؤية 2030 «بكبرها» مجرد فكرة، ولأنها وجدت الدعم بدأت تغير كل شيء من حولنا تقريبا، وكذلك التعليم عن بعد، ألم يكن مجرد فكرة في حينه سواء كانت من داخل المملكة أو خارجها، ولم نكن نعطيه اهتماما، وكنا نعتقد أن من يتعلم عن بعد، ما هو إلا دليل فشله في التعليم بالانتظام، حتى أتى يوم وأصبح حتى طلاب الطب يكملون تعليم موادهم النظرية عن بعد، ألم تكن هذه الفكرة مجرد خاطرة في رأس أحدهم وأصبحت حاليا واقعا ملموسا في كل بيت وغرفة، ويعرفه الصغير منا قبل الكبير إن لم يكن هو جزءا منه حاليا.

ما أريد قوله، إننا حاليا في خضم تحولات كبرى على جميع الأصعدة والمستويات، ففي وقت قريب كانت المرأة تمنع من الخروج من بيتها دون مرافقة محرم لها، واليوم أصبحت هذه المرأة رئيسة جامعة، ومستشارا عدليا ونائبة وزيرا و....و..... أفليس هناك نساء لديهن من الأفكار ما يمكن أن تكون بعظمة ما تحقق لهن في السنوات القليلة الماضية.

أليس الطفل الذي تم تعديل القوانين وتطبيق إصلاحات شاملة فيما يخص حقوقه وقضاياه، أليس من الممكن أن تكون لديه أفكار خارج الصندوق، فكرة تغير حياة أغلب أطفالنا.

أما إن ذهبنا إلى شباب وشابات الوطن والذين يتجاوزون مانسبته 70% من المواطنين، فهل لنا أن ندرك حجم الأفكار التي يمكن استثمارها كما في استثمار البنوك أعلاه، فلك أن تتصور أنه وبمجرد أن تجد فكرة حتى وإن كانت بسيطة أو عابرة، تقوم بالتواصل مع جهة حكومية لإيداعها فيما يمكن تسميته «بنك الأفكار الوطني»، وعن طريق بوابة إلكترونية تقوم بإضافة فكرتك والجهة المتوقع استفادتها من هذه الفكرة، وإرفاق ما يدعم هذه الفكرة من تصاميم أو أوراق عمل أو غيرها، وتصل إلى المستثمر في الأفكار، فيقوم بأرشفة هذه الفكرة، ومن ثم طرحها للمناقشة منفردة أو بالمشاركة مع فكرة أخرى قد تسندها، ومن ثم عرضها للاستثمار أو التبني من أي جهة حكومية أو خاصة، وهنا يذهب البروتوكول القاتل لأصحاب الأفكار، والذين يهملون أفكارهم أو يتركونها حبيسة الأدراج، بسبب خوفهم من «المطامر» من مكتب إلى مكتب ومن مسؤول «متخشب» إلى مسؤول «أخشب» منه، فلو كان هناك استثمار فعلي فستجدني وكلما خطرت ببالي فكرة ذهبت بها إلى من يكرمها ويكرم من فكر بها وذهبت بها إلى «بنك الأفكار الوطني».