بعد استضافة المملكة لاجتماع قادة اقتصاد الفضاء، فإن المفاهيم لمهام التعدين الفضائي أصبحت مهمة ذكية ويجب النظر إليها بطابع اقتصادي، كممكن للرحلات المأهولة لتخفيض التكلفة واستدامة بقاء الإنسان في القمر، من خلال بناء «القواعد الفضائية»، مثل صناعة الأغطية الوقائية من الإشعاعات للقاعدة القمرية. وكذلك تخفيض تكلفة الوقود للتشغيل وللرجوع إلى الأرض، مثل استخراج المواد الأساسية من سطح القمر والمريخ لتكوين الوقود اللازم. وفي هذا المقال سنتحدث عن خيارات عمليات التعدين الفضائي في ضوء الإنجازات الملموسة.

ولكن قبل استعراض هذه الخيارات، نعرض بعض الإنجازات الملموسة، لتوضح لنا مستوى نضوج تقنيات التعدين الفضائي، حيث تمكن مسبار أوسايرس-ركس «OSIRIS-REx» من الوصول إلى كويكب بينو «Bennu» وإجراء مهمة لمس سطحه «Touch & Go» لأخذ عينة منه من خلال ذراع مخصصة. وسيقوم المسبار بإرسال العينات إلى الأرض قبل نهاية 2023م. ستساعد هذه العينات في فهم طبيعة الكويكبات، وتاريخ نشأة النظام الشمسي. يشرف على هذه المهمة وكالة الفضاء الأمريكية «NASA» وشركة لوكهيد مارتن. سبقت هذه المهمة وكالة الفضاء اليابانية، حيث أطلقت مسبار هايابوسا 2 «Hayabusa2» للوصول إلى كويكب ريوجو «Ryugu» وإجراء مسح عن بُعد وأخذ عينات، حيث أطلقت قذيفة صدمية لتشكيل فوهة على سطحه وتم أخذ العينات، وتهم الوكالة بتخطيط العودة بالعينات إلى الأرض.

خيارات التعدين الفضائي

الخيار الأول – الاستخدام للاستكشاف

من خلال الاستكشاف المبكر للموارد المتاحة خارج المدار الأرضي المنخفض، حيث يمكن جمعها واستخدامها في تمديد البعثات الاستكشافية للفضاء. سيكون الماء والوقود والأكسجين أول موارد يتم تطويرها، والعثور عليها ونقلها ومعالجتها، وتخزينها واستخدامها. إن استخدام هذه الموارد له قيمة مالية كبيرة، حيث يمكن تجنب التكاليف وتقليل أخطار المهمة. وبمرور الوقت، ستتوسع الطريقة الأولى وستصبح ضرورية لجميع المهمات الروبوتية في المستقبل. وستوفر هذه المشاريع، الواقعة بالقرب من المدار الأرضي المنخفض، منتجات للمستكشفين مقابل رسوم، والتي من المحتمل أن تكون تكلفتها أقل بكثير، من نقل مستوى مماثل من الأرض. يتمثل مفهوم الطريقة الأولى في تحرير الاعتماد على البنية التحتية للأرض، والإمدادات بأسرع ما يمكن. وبهذا المفهوم فإن المشاريع التجارية ستكون أول من يستغل الكويكبات، لتؤسس حضورًا دائمًا على القمر والمريخ، حيث ستكون مهمتها توفير محطة قاعدة تجارية للمشاريع الدولية والعلمية.

إن بيع واستخدام هذه الموارد، سيمكن المشاريع الوطنية والدولية واسعة النطاق، من إكمال مهماتها دون الحاجة إلى الاعتماد الكلي، لتطوير البنى التحتية الخاصة بهم.

الخيار الثاني - نقل الموارد إلى محطات المعالجة

يسع هذا المفهوم مدى وصول البشرية إلى ما وراء المدار الأرضي المنخفض. ويقع جمال هذا المفهوم فى أن الموارد والأصول، التي تحتاجها عمليات التعدين الفضائي يمكن أن تكون في مواقع مناسبة في المدارات الفضائية. هنا وصف بعض هذه المواقع التي تتضمن بعض المواقع الفضائية للموارد:

•سطح القمر

•سطح كويكب

•سطح المريخ

•نقاط لانجرانج في المدارات القمرية

•في مدار المريخ، ربما على أقمار المريخ

•في المدارات الدورية بين الأرض والمريخ أو الأرض وحزام الكويكبات

إن القدرة على معالجة مواد التعدين الفضائية، ونقلها إلى «مستودع فضائي»، ثم استغلالها للمسافر الروبوتي أو البشر، ستفتح آفاقاً أكثر للتعدين الفضائي للنظام الشمسي.

الخيار الثالث – توصيل مواد التعدين إلى سطح الأرض

اقترح العديد من الدراسات تضمين الجليد كواقيات حرارية للمواد المعدنية المنقولة إلى الأرض. ومع ذلك، عند سرعات تبلغ 25000 ميل في الساعة، يبدو الأمر صعبًا في أحسن الأحوال. على هذا النحو، المستقبل كان ضبابياً بالنسبة لعودة الموارد من الفضاء السحيق أو المدار القمري. أحد العناصر الرئيسية التي تغيرت في السنوات القليلة الماضية، هو أن الأكاديمية الدولية للملاحة الفضائية وجدت أن مصعد الفضاء «يبدو» ممكنًا. ومع ذلك، فإن قيمة إعادة الموارد إلى الأرض، تعزز بشكل كبير أسباب الاستثمار في مهام التعدين الفضائي. ومع وضع هذه الحاجة في الاعتبار لا تصبح إعادة مواد التعدين الفضائية إلى الأرض مجدية فحسب، بل تصبح مرغوبة أيضًا. يكمن المفهوم في هذا الخيار: أن يتم بناء منصة كبيرة أو برج هائل من الأرض إلى ارتفاع يخترق الغلاف الجوي يسمى «مصعد الفضاء»، بحيث يتم تزويده بقدرات التقاط المواد الخام المرسلة من أماكن مصادرها، وتدريجياً يتم تخفيض سرعاتها تجنباً لاحتراقها في الغلاف الجوي

أخيراً... أترك القارئ العزيز يجول في مفاهيم المهمات للتعدين الفضائي، يمكن أن تكون فكرة قابلة للتنفيذ. فما يدريك، فالحضارة تبدأ بفكرة.