يقول المثل العربي رمتني بدائها وانسلت، اتهم رفيق بوشلاكة رئيس الجمهورية قيس سعيد بأنه لا يؤمن بالأحزاب والانتخابات والديمقراطية، مدعيا في ذلك أنه استلهمها من العقيدة البعثية!

ونود الإشارة هنا إلى أن حزب البعث في عمومه وأطروحاته يؤمن بالمدنية وسلمية التداول على السلطة، معتبرا في ذلك أن السيادة للشعب، هو من يهبه إياها وليس وصيا على اختيارات الشعب، ولا يدعي أنه يحكم باسم الدين، ولم يستقبل قادته بطلع البدر علينا لترسيخ منطق الحكم وريث النبوة والحاكم ولي الأمر الدائم الذي يُسمع ويُطاع له على غرار عمر البشير في السودان وراشد الغنوشي أمين الجماعة (وملهمها الروحي وظل الله فيها).

أيضا لابد من التنويه أن من جوَّع شعبه ورهن بلده هو نفسه الذي لا يؤمن بالوطن كونه حفنة من تراب، وأن علمه كفن، وهو نفسه الذي لا يؤمن بالأحزاب والديمقراطية كونها ضرب من الهرطقة التي ما أنزل الله بها من سلطان.

هل نسيتم مسألة الحاكمية؟ التي كَفَّر بها منظروكم المجتمعات والشعوب والدول، هل نسيتم مبدأ «إن الحكم إلا لله» ولظِل الله في الأرض، طبعا وفق القواعد الستة والثلاثين لحسن البنا.

هل نسيتم «لقد استدار الزمان كهيئته الأولى»، فلا يوجد مجتمع مسلم ولا دولة مسلمة قاعدة التعامل فيها الإسلام، أظن أنكم نسيتم أحداث باب سويقة التي كانت نتاج عقائدكم الفاسدة.

وهنا لابد أن أذكر أن الذي لا يؤمن بالديمقراطية هو الذي يكون جناحه السلفيون المتطرفون، ويجتمع بهم ويجعلهم أمنه وجيشه عوض المؤسسات الوطنية، ويهاجم بهم المثقفين والنقابيين ومقرات التلفزيون والسفارات وغيرها.

إن الذي لا يؤمن بالدولة والمدنية هو نفسه الذي قال إن الإرهابيين يذكرونه بشبابه، وأن تدربهم على رفع السلاح في وجه الدولة ومثقفيها ونخبتها هو مجرد تمارين رياضية للتخلص من الكوليستيرول.

وأن الذي لا يؤمن بالدولة هو نفسه من تعامل معها بمنطق الغنيمة مع الهبة الصينية للدولة التونسية والمليار المنهوب. هل نسيت يوم كنت وزير خارجية تونس وتعاملتَ مع الكيان الصهيوني وأعضائه في قطر، وخلال عملك في قناة الجزيرة كنتَ تخدم التآمر الصهيوني والإمبريالي على الأمة العربية وتونس خاصة.

أعلم أن التلون سمتكم وصفتكم الدائمة، هل نسيتم من دعم قيس سعيد؟ من أرهق قواعده بالحملات الانتخابية؟ من أنزل البيانات الداعمة؟ ومن أفتى بدعمه يوم كان قيس سعيد في صورة الملاك المنزه، وكان حليفكم ذلك الصهيوني الفاسد عدو الثورة وبقايا بن علي؟ يومها كان حزب البعث يدعو قواعده وأنصاره وعموم الشعب للمقاطعة، وهذا مرة أخرى يثبت تلون حركة النهضة وتقيتها الدينية والسياسية، ويؤكد أنه لا صاحب لها، وأنها حركة براغماتية، فضلا عن كونها في الأصل حركة دينية اتخذت السياسة مطية لها.

فالدين بريء منكم وأنتم تتعسفون على عقائد الناس مستعملين وجدانهم البريء.