على الحساب الرسمي بـ«تويتر» لواحدة من مديريات الشؤون الصحية بمنطقة ما في مملكتنا الغالية، ظهر مقطع فيديو قصير لا يتجاوز الدقيقتين تقريبا، وكان يصور التعامل مع حالة حقيقية حدثت بالفعل بأحد المستشفيات التابعة لهذه المنطقة لمريضة أجنبية، وكيف كانت حالتها، خصوصا وأنها قد ولدت 4 توائم وأصيبت بكورونا، وكيف تم التعامل مع الحالة بعد تدهور الجهاز التنفسي لديها، عن طريق طلب النجدة اتصالا بعد منتصف الليل بأحد الاستشاريين السعوديين في المستشفى المرجعي لهذه المنطقة، والذي يبعد عن المستشفى الذي ترقد به هذه المريضة أكثر من 350 كيلومترا تقريبا، ليقوم على الفور مع فريقه بالتوجه لهذا المستشفى برفقة جهاز مخصص لمثل هذه الحالة، وأنه تم نقلها عودة للمستشفى المرجعي في تلك الليلة، وكيف أنها شفيت تماما خلال فترة قصيرة، وظهرت في نهاية المقطع وهي عائدة لمنزلها وبرفقة توائمها الـ4 شاكرة قيادة هذه البلاد التي لم تفرق في تقديم الخدمات الصحية بين مواطن أو أجنبي أو حتى مخالف لنظام الإقامة خلال جائحة كورونا. المهم أن هذا المقطع كان لديه فريق تصوير ومونتاج محترف، وهذان التخصصان قد يقوم بهما غير عربي لمقطع عربي ولا مشكلة في ذلك، ولكن الإعداد يجب أن يكون عربيا، بل كلما تم الإعداد لهذا المقطع بالتنسيق مع تسلسل السيناريو، وتم على يد من يعي أن المادة الإعلامية يجب أن تكون مادة إبداعية قبل أن تكون عملية، سيجعل هذا المقطع وغيره له تأثير السحر على المتلقي الذي لم يعد متلقيا بسيطا، فقد تجد مراهقا أو حتى لم يخرج من سن الطفولة بعد، وبجهازه الخاص برامج تحرير للفيديو والمونتاج قد لا تمتلك جودتها بعض جهاتنا الإعلامية الحكومية التي نلاحظ أن بعضها ما زال على برامج ومواد «القرن الخشبي»، فالملاحظ في هذا المقطع مثلا هو غياب فريق إعداد النص وتنسيقه مع تسلسل الأحداث، مما أفقد هذا المقطع متعته الأساسية، وهي الإلهام لمنسوبي تلك الشؤون الصحية من جهة، وإلهام المتلقين لخدمات هذه الشؤون من جهة أخرى، رغم أن المادة الأساسية لهذا المقطع، هي مادة ملهمة بالدرجة الأولى، وتظهر روح التضحية من قبل الفريق الطبي من جهة، وإظهار خيرات هذا البلد الذي لم يضن بخيره على أحد من جهة أخرى.

بل إن هذا الفيديو ظهر وكأنه المادة الحقيقية التي تنقص إعلام وزارة الصحة، فأتذكر إعلانا على مجموعة «إم بي سي»، في بداية الأزمة بدعم وزارة الصحة، قد أظهر قصصا ودموعا حقيقيتين لأفراد من طواقم صحية تواصل الليل بالنهار، وكان سبب دموعهم أنهم حرموا من نعمة الجلوس مع أطفالهم ومع والديهم بسبب مرابطتهم على الثغور الصحية لحماية هذا الوطن، فكان لهذه المشاهد القصيرة وقع غير متوقع، بمدى تأثيرها حتى على التزام الناس بإجراءات الوقاية، تقديرا لدموع هؤلاء.

لذا نجد أن أغلبنا يتابع الإعلام الغربي أو حتى البعض من الشرق آسيوي بلا ملل أو شعور بإيصال المفاهيم بشكل سطحي، والسبب أن المواد الإعلامية هناك بشكل عام تحاول أن تعتمد على تلفزيون الواقع، وإن كانت مشاهد تمثيلية، إلا أنه معاد تمثيلها طبقا لمشاهد حقيقية، ومقرونة بمقاطع وصور للمشاهد الحقيقية كما ظهر في هذا المقطع لهذه الشؤون الصحية، والتي في اعتقادي أنه (مقطع فيديو كان ينقص وزارة الصحة).