قبل قرابة الـ20 عاما، طرحت «أرامكو» منتجا من البنزين هو الخالي أو المسحوب الرصاص، الذي يعرف حتى يومنا هذا ببنزين «أخضر 91». في تلك الفترة رغم أن الإعلام وقتها ما زال تقليديا لم يدخل الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي «على الخط» بعد، فإنها شنت حملة إعلامية ضد هذا المجهول الأخضر. فبدأت المجالس، بالإفتاء في هذا الأمر. هناك من ينشر شائعة أن هذا البنزين «واضح من لونه» أنه «بارد دم»، وأنه تم التخطيط لنا والتآمر علينا، من قبل دول «حلف البشاميل لصناعة السيارات والبطاطس»، بأنهم يريدون القضاء على سياراتنا القديمة التي صنعوها بالخطأ بجودة عالية و«تدبسوا» بقطع غيارها لأنها «لا تخرب»، فابتكروا هذا السم الأخضر الذي بعد تعبئة سياراتنا به ولو لمرة واحدة تتدمر الماكينة والقير و«درج النظارات»، حتى نضطر لشراء سيارات جديدة ذات أعطال متكررة كي تزيد مبيعات تلك الشركات وقطع الغيار في الوقت نفسه. كانت هناك شبه مقاطعة لهذا النوع من البنزين؛ نظرا لما يدور بين الناس حوله من شبهات. اليوم وبعد 20 عاما، لم تخرب السيارات ودول حلف البشاميل مجرد أوهام، وأصبحت أغلب محطات البنزين تخصص 75 % من مضخات وقودها لهذا البنزين الأخضر، والبقية للبنزين الأحمر الذي يبقى قليل الطلب.

الرابط في الأمر، أن «أرامكو» في ذلك الوقت نظمت حملة إعلامية للتوعية بأفضلية هذا الوقود الأخضر، على توفير طاقة أنظف تخلو من الرصاص الضار بالبيئة، وأنه خفيف على المحركات، ولم تطرحه للسوق «خبط لزق» بل قامت بالأبحاث التي تضمن أنه خيار آمن وأفضل من سابقه، لكن ردود الشارع آنذاك أن «أرامكو» «وش عرفها» فهي «ملعوب عليها مثل ما يبغون يلعبون علينا» ولكننا أفهم من «أرامكو»- أكبر مصدر للطاقة بالعالم- من خلال معاملها وخبرائها الأكبر والأحدث، ولكنهم لم يقنعونا آنذاك.

هذا المشهد أشبه بردود أفعال بعض الشارع- وللأسف- على لقاح كورونا الذي وفر بتسخير مليارات الريالات والإمكانات البشرية والتقنية كافة، بل وحتى النواقل الجوية والأرضية، وأحدث المخازن لبناء وافتتاح مقار في مدة قياسية على مستوى مناطق المملكة للجميع من مواطنين ومقيمين، وذلك بعد فحص وتدقيق الخبراء والمستشارين للقاح، حتى يصل إلى جسد المتلقي، باعتماد أحدث الأجهزة والتقنيات، ويخرج المتحدث الرسمي لوزارة الصحة ليبلغنا بمدى أمان وموثوقية اللقاح على غرار أمان وموثوقية البنزين الأخضر، ولكن ما زالت هناك ردود تهتم بحساب تويتري لا يتبع لأي جهة رسمية، يقول إن «مشاري البلام»- رحمه الله- مات بعد تلقيه اللقاح، ويتأثر ويمتعض ويهرب خوفا من هذه المعلومة التي لم تظهر ما هي حالة «البلام» قبل أخذه للقاح، وهل كان يعاني من مشاكل أو حساسية تجاه التطعيمات، وهل وهل وهل من الأسئلة التي يطرحها الأطباء المتوفرون بشكل مجاني علينا قبل تلقي اللقاح، لأن كل حالة لها جسد مختلف وتركيبة D.N.A مختلفة، وأعراض وتقبلات مختلفة حتى بين التوائم الذين ولدوا من بطن واحد وفي ساعة واحدة، ومع ذلك لم يقل الأطباء إن ما ينطبق على أحدهم بالضرورة ينطبق على الآخر، وليس بالضرورة إن مات «البلام» أو غيره بهذا اللقاح أنك ستموت عزيزي «المحقق كونان». رغم اختلاف الأزمنة فإن بعض أفكار وردود الشارع لم تتغير ما بين أزمنة (لقاح COVID - 19 وبنزين أخضر 91).