سنتان من الجمود عاشتها الأوضاع في سوريةن فلا نظام الأسد استعاد السيطرة على كامل الأراضي، ولا المعارضة أو الأكراد نجحوا في تغيير الصورة في الواقع.

يعارض الثلاثي روسيا وإيران وتركيا تقسيم البلاد، ويمنعون ترسيخ وجود أي كيان كردي منفصل في الشمال، ويلتقون بذلك مع رغبة كثير من السوريين بعدم تقسيم البلاد، ويلتقون بذلك أيضا مع رغبة غربية تستبعد أي حل دولي مماثل لحل انتهى بتقسيم يوغسلافيا السابقة، كما قدم نموذج تقسيم السودان صورة سلبية ويقينا بعدم اتباعه في سورية.

لكن مع كل هذه الاعتبارات، فإن سورية مقسمة بشكل غير رسمي إلى مناطق نفوذ متعددة.

صراع الحدود

استعاد الأسد ثلثي الأراضي السورية، وسيطر على مناطق تضم نحو 12 مليون سوري من أصل 17 ما زالوا في البلاد، وهذا تحوّل كبير عن وضعه السيء في ربيع 2013 عندما كان يسيطر على خُمس مساحة البلاد فقط.

مع ذلك، فإن السيطرة على الحدود هي المعيار الأهم في السيطرة، فنظام الأسد يسيطر فقط على 15 % من الحدود البرية الدولية للبلاد، فيما تتقاسم جهات أجنبية المتبقي.

سيطرة وهمية

تخضع 20 % من الحدود السورية تحت سيطرة «حزب الله» وميليشيات شيعية أخرى تدعمها إيران.

في الظاهر، فإن المعابر مع العراق (البوكمال)، والأردن (نصيب)، ولبنان (العريضة وجديدة يابوس وجوسية والدبوسية) تبدو للنظام، إلّا أن السيطرة الحقيقية عليها لجهات أخرى، حيث يحتل «حزب الله» الحدود اللبنانية، وأقام قواعد يسطير فيها على منطقة التحاذي السوري اللبناني، وتدير ميليشيات شيعية عراقية الحدود من البوكمال إلى التنف.

ويسيطر قوات موالية لإيران على عدد من المطارات العسكرية السورية، وهذا يعزز تأكيد الاندماج السوري الكامل في المحور الإيراني.

وبالرغم من سيطرة النظام على الحدود الجنوبية مع الأردن، منذ 2018 لكنه أعطى للروس دورًا كبيرًا في إبرام مصالحات مع القوات المتمردة في المنطقة ما منحها حرية حركة كبيرة وقدرة على التنسيق بين جانبي الحدود.

جدار حدودي

منذ 2013 شرعت تركيا ببناء جدار حدودي في منطقة القامشلي، معقل الأكراد السوريين، ووسعته لاحقًا على طول الحدود الشمالية السورية، وهدف أولا لمنع تسلل الأكراد وعناصر داعش، وكذلك منع تدفق مزيد من اللاجئين السوريين إلى تركيا، وهذا يعني عمليا أن الجزء الوحيد من الحدود الشمالية الخاضعة لسيطرة الأسد هو معبر «كسب» شمال اللاذقية، وهو الذي تم إغلاقه من الجانب التركي منذ 2012.

هجوم تركي

في أكتوبر 2019 شنت تركيا هجومًا عبر الحدود في الشمال، ما دفع القوات الأمريكية للانسحاب من معظم أراضي الأكراد، وبعدها يطرت روسيا على مناطق الاتصال بين قسد وتركيا ومناصريها في «الجيش الوطني السوري»، وحلّت الدوريات الروسية-التركية محل الدوريات الأمريكية-التركية على خطوط التماس لضمان انسحاب قسد من منطقة الحدود التركية.

وبالرغم من أنه قد طُلب من الأسد نشر بضع مئات من الجنود على طول تلك الحدود، فإن وجود هذه القوات رمزي فقط.

رجحان الكفة

لعبت روسيا دورًا مؤثرًا في ترجيح كفة الأسد في الحدود، فقد أغلق معبر اليعربية الحدودي الرسمي بين سورية والعراق أمام المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة منذ ديسمبر 2019، وبهذا بات من الواجب إرسال جميع مساعدات الأمم المتحدة إلى «الأكراد» الكامل، إلى دمشق قبل أن يتم نقلها إلى الشمال الشرقي من البلاد.

وعدّ نظام الأسد الدخول عبر أي معبر في الشمال السوري جريمة يُعاقب عليها بالسجن لفترة تصل إلى 5 سنوات، وأي منظمة غير حكومية تتقدم بطلب للحصول على تفويض من «الهلال الأحمر العربي» السوري من أجل العمل في مناطق النظام، عليها أن تتعهد بعدم تنفيذ أي أنشطة تتضمن العبور إلى «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ـ الأكراد» من الدول المجاورة. ومن المحتمل أن يكون تعنّت النظام بشأن القضايا الإنسانية هو طريقة الأسد لمحاولة إعادة تأكيد سيطرته على جانب واحد على الأقل من السيادة الحدودية.

سيادة محدودة

كما فشل براً، فشل نظام ألأسد في السيطرة على سماء سورية ومياهها الإقليمية، فبعد أن تنازل عن معظم حدوده البرية لروسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة، تخضع المناطق البحرية للبلاد للمراقبة من قبل قوات من القاعدة الروسية في طرطوس، ويتم التحكم في معظم مجالها الجوي من القاعدة الروسية في حميميم. وتعتمد إيران على الأصول الجوية الروسية للحماية من الضربات الإسرائيلية - وهي ضمانة محدودة في أحسن الأحوال، لأن روسيا لا تحمي عمليات طهران الأكثر استفزازًا مثل نقل الصواريخ إلى «حزب الله» أو تعزيز مواقعه في الجولان. ومن جانبها، تحتفظ الولايات المتحدة بممر جوي بين نهر الخابور والحدود العراقية، حيث تتواجد آخر قواتها البرية.

وأمام هذا الواقع، وبالرغم من التصريحات العلنية لنظام الأسد حول سيطرته على كامل الأراضي السورية، فإنه يبدو مقتنعًا وراضيًا باللعبة من القوى الأجنبية لأنه لا يملك أي خيار في هذا الشأن.

تقاسم سيطرةفي الشمال السوري

المناطق حتى خربة الجوز

(الثوار التركمان الموالين لتركيا)

المناطق بين جسر الشغور وباب الهوى

(هيئة تحرير الشام)

المناطق حتى نهر الفرات

(الجيش الوطني السوري وهو موال لتركيا)

المناطق حول كوباني

(الجيش الروسي وقسد)

المناطق بين تل أبيض ورأس العين

(الجيش الوطني السوري)

المناطق من رأس العين حتى نهر دجلة

(الجيش الروسي وقسد)