العشرات من الأحزاب والمسميات لأحزاب تأسست منها العملية السياسية، وشخصيات كوّنتْ أحزاب، وأحزاب ولِدتْ من رحم أحزاب سيشاركون في الانتخابات المزمع إجرائها في نهايات هذا العام (هذا إن جرت الانتخابات في موعدها).

وبهذا سيكون العراق وبمعادلة قياسية بسيطة إلى عدد سكانه مُتخطيّاً دولة الهند ذات الأكثر من مليار وربع نسمة بعدد الأحزاب المُتكاثرة والمتناسلة في الساحة السياسية، وسيجد الناخب العراقي المتوجه الى القاعة الانتخابية أمامه (مجلدات) تضم أسماء وأرقاما مُغرية لأحزاب وتيارات سياسية يتوجب عليه أن يختار الرقم والاسم الذي يعتقد أنه سيمثله في الحكومة القادمة دون وعي أو إدراك للمنهاج الحكومي لهذه الأحزاب وأهدافها وخططها المُستقبلية، والرؤى الكفيلة لإخراج هذا البلد من الواقع الآسنْ الذي يعيشه.

مصيبة العراق أن أحداث مابعد عام 2003 جاءت بأشخاص معوقين فكريًّا وسياسيًّا أنتجتهم عملية سياسية بائسة لم تستطع أن ترتقي بهم إلى فئة رجال دولة أو مستويات مؤهلة لقيادة دولة بحجم العراق، صنعتهم ماكنة انتخابية إما عن طريق (الصدفة) أو (التزوير) لذلك عاث هؤلاء بالعراق شرًا وفسادًا ودمارًا.

سيكون على الناخب العراقي المتوجه إلى المركز الانتخابي اختيار الاسم والشعار والرقم للحزب أو الكيان السياسي الذي تشبّع به عقله الباطني كما تشبّعتْ بصور هذا المرشح أو ذلك الحزب شوارع وأزقة مُدننا، وسيكون عليه وضع علامة (ü) أمام أي مسمى يدغدغ عقله الباطني دون أن يحاور هذا العقل عن الغاية من هذا الاختيار، وهل اتعظ هذا المحاور من تجارب الانتخابات السابقة، وهل سيُصلح هذا المرشح ما أفسده الغير..

وفي كل الأحوال هي لعبة يانصيب أو (اللوتو) ستفرض على الناخب أن يضع أيُّ رهانٍ برقم أو اسم يختاره لمرشح، ولتنتهي تلك اللعبة بتغميس الأصبع بقارورة الحبر البنفسجي معلنة انتهاء فصولها، وربما وهو المرجح أن الناخب سيختار رقمًا غالبًا ماسيكون خاسرًا لأنه اختيار خادع وسراب يظنه ماءً يرويه، وهي لا تتعدى مسرحية يُجيد الممثلون أدوارهم لإنتاج نفس الوجوه والشخصيات الضبابية والسنين العِجاف ولكنْ بعناوين ومسميات مختلفة، لكنها بالتأكيد ستكون صورًا خداعّة صنعتْ بعض الأوهام وربما الأمل لهذا المواطن البسيط.