أسهمت بيئة نجران المناخية في تطبيق ونجاح «الزراعة المائية» على أرضها، مما دفع رئيس مجلس إدارة شركة «فيرتي قرو» الأمريكية، تيم كاربنتير، إلى وصف المنطقة بأنها «منجم الذهب الأخضر»، في إشارة إلى الطبيعة الخضراء التي تتميز بها، باعتبار أن مناخها من أفضل المناخات على مستوى العالم، وفق البحث الدائم من الشركة عن المواقع الجغرافية الأكثر ملائمة لزراعة المحاصيل على مدي العام، بسبب ملائمة مناخ نجران المنتجات الزراعية الموسمية.

بحث موسع

يقول «كاربنتير»: بحكم اختصاص «فيرتي قرو» في المجال الزراعي، فالحديث يشمل جوانب عديدة في مجال الزراعة مثل أنواع المحاصيل وخصائصها الإنتاجية والجينية وأمراضها، والمناخ الذي تتكاثر فيه هذه المحاصيل، والكميات المطلوبة من الماء لكل نوع من المحاصيل مثل التربة المناسبة، وكذلك الغذاء الأمثل لنمو كل نوع من المحاصيل، فجميع هذه الجوائب تم البحث فيها بشكل موسع وطويل، حتى استخلصت الشركة عصارة علمها وخبراتها فيما يسمى «تقنية الزراعة المائية العمودية»، التي تعتمد في نجاحها وبشكل كبير على عامل المناخ. قد يختلف إنتاج المحصول باختلاف المناخ، وبحكم البحث الدائم من الشركة عن المواقع الجغرافية الأكثر ملائمة لزراعة المحاصيل القابلة للزرع، تم إعلان منطقة نجران كأحد المواقع الجغرافية الأكثر غزارة في الإنتاج بسبب ملاءمة مناخها طيلة العام المنتجات الزراعية الموسمية. ويوضح أن هذا الاختيار تم تأكيده بناء على تجارب زراعية في المنطقة، امتدت لقرابة العام، حيث تمت زراعة منتجات عديدة، لتأكيد البحث الأولي وفقا لنتائج علمية من أرض الواقع.

قلة الوعي

يضيف مدير «فيرتي قرو» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سعيد بن زرعة: «الزراعة المائية تركز على توفير وزيادة الإنتاج في الحقول التي تزرع فيها الخضراوات والفواكه الموسمية مثل الفراولة والبطيخ والشمام، حيث يمكن أن توفر أكثر من 85% من المياه التي تستخدم في التربة لإنتاج المحاصيل، والزراعة المائية نوعان: الزراعة العمودية والأفقية، إلا أن الإقبال على الزراعة المائية في نجران ضعيف بسبب قلة الوعي بالزراعات النظيفة الصحية العضوية. بدأنا بمستفيدين، ولعل المناخ في منطقة نجران أسهم في نجاح الزراعة المائية، إذ يعد من أفضل المناخات الزراعية في العالم».

الفوائد الاقتصادية

يذكر الدكتور حسن آل سدران من جامعة نجران: «الزراعة المائية ممكن إنتاجها فيما يسمى «البيوت المحمية» مثل أغلب أنواع الخضراوات وبعض أنواع الفواكه، لكن ذلك يعتمد على دراسة الجدوى لكل منتج، حيث إن المساحات المطلوبة أكبر، ومن ثم التكلفة قد تكون أكبر».

وعن الفوائد الاقتصادية، يوضح د. حسن: «هناك جوانب اقتصادية مباشرة وأخرى غير مباشرة، فالمباشرة مثل الإسهام في الناتج الإجمالي المحلي، حيث نجد أن أغلب المنتجات التي نراها في الأسواق هي منتجات مستوردة، وذلك يعني أن القطاع الزراعي يحتوي على ما يسمى «outsourcing» أو هروب رؤوس أموال يتم استثمارها خارجيا، لتوريد هذه المنتجات، بينما لو تم توظيف هذه الأموال داخليا لزاد حجم الإنتاج المحلي كنتيجة عامة ونهائية دون الخوض في جوانب أخري مثل خلق فرص العمل للمواطنين. أما الجوانب غير المباشرة فهي من خلال بحوث علمية تحققت في مسببات بعض الأمراض، ضمت المنتجات الزراعية غير العضوية أو النظيفة كأحد المسببات لهذه الأمراض».

الأمن الغذائي

يضيف مساعد المدير العام للصحة العامة بصحة نجران، مصلح الماس: الزراعة المائية كأحد أنظمة الزراعة الحديثة الواعدة يتم استخدامها على مستوى العالم، لموازنة المتغيرات البيئية، والتحكم في جودة الإنتاج، بما يعزز صحة المستهلك، ويحقق الأمن الصحي الغذائي، وغالبا ما يتم دعمها بأنظمة زراعية أخرى مثل البيوت المحمية المكيفة، ويمكن اعتبارها من المشاريع الصحية التنموية قليلة التكاليف، حيث نجدها مطبقة في الدول الفقيرة، ولكنها أيضا عالية الجودة لذلك يتم استخدامها في الدول الغنية، وهذا النظام يحتاج إلى مساحات زراعية محدودة، ويتم تشغيله بما يمنع هدر المياه والمغذيات (الأسمدة)، مما يقلل التكاليف الزراعية والتشغيلية، ومن ثم يوفر غذاء صحيا بأقل تكلفة. ويؤكد «الماس» أن الأثر الصحي لاستخدام هذه التقنية يكمن في تعزيز الصحة العامة، ودعم الاستثمار الزراعي، فيصبح لدينا مجتمع قادر على التطور والنمو من خلال محددات الصحة الجسدية والنفسية، وكذلك الاجتماعية والاقتصادية.