قرأت مرة عبارة استوقفتني جداً، وما أريد أن أعيبها لكن لدي وجهة نظري في هذا الأمر قد تكون صحيحة أو غير ذلك، وستعرف الفارق في نهاية المقال.

العبارة هي أن (الإنسان ذكرياته عدوه)، رأيت الكثير يجاري العبارة بشعور حزن عميق، أما أنا فأقول إنها غير صحيحة أبداً، ما قيل عن الذكريات وكيف يتصورونها بأنها عدو، تثير البكاء والأحزان، وتوقد في القلب نيرانا لا تنطفئ.

أن تسير حياتك بلا ذكريات، فذاك يعني أن عقلك سيكون بذاكرة مؤقتة أي أنك ستنسى كل شعور، أي شيء جميل وكل لحظة مليئة بالفرح ستصبح سرابا.

تخيل أن تستيقظ من نومك كل يوم وكأنك للتو بدأت الحياة، تخيل أن تنسى تلك اللحظة الجميلة التي عشتها بالأمس، تخيل أن تنسى ذاك الشعور الذي كنت تتمنى أن تجربه فتستيقظ وكأنه مجرد حلم لم تعد تذكر تفاصيله.

للأسف حينما تركز على اللحظات المؤلمة الموجعة ستخلدها في عقلك بلا ريب، وستنسيك أنك عشت لحظات جميلة. مهما تبكينا الذكريات وأخص الجميل منها، مهما تبكينا بالحنين إليها إلا أننا نحبها ونأنس عندما نستذكرها.

دموعنا التي نذرفها ونحن نبتسم حباً وحنيناً ليست مُرة، إنها مياه نقية لا طعم لها ولا لون لكنها عذبة، تنعشنا كلما تذكرنا جمال تلك اللحظات، لا بد من حنين ولا بد من بكاء ولابد من شوق وفقد، لكن نحمد لله على جمال تلك اللحظات وعلى دفء ذلك الشعور، نحمد الله أننا قد عشنا ماضيا جميلا وستكون مثله اللحظة والمستقبل، ونتسلى في وقتنا العصيب بأن هذا الوقت سيمضي وستأتي أيام جميلة كتلك الأيام التي مضت وحملنا من شذاها ذكرى.

اصنع لنفسك ذكريات جميلة، فعندما تكون بلا ذكريات أي بلا تاريخ جميل لعمرك السابق أيا كان عمرك، سراب يمضي اليوم كالأمس بلا ذاكرة. اصنع لك ذكريات تتذكرها بين الفينة والأخرى، تقف عندها لحظات تبتسم وتستمتع بتذكرها ثم تمضي مهرولاً لتعيش اللحظة الراهنة بكل حب وشغف.

كل لحظة اجعلها جميلة وخلدها في ذاكرتك، استمتع بذكرياتك، وما كان في ماضيك أليماً لا تضمه إلى الذكريات، فالذكريات هي كل جميل كل لحظة أحببتها، أما ألمك فاجعله كجرح عابر أوجعك وداويته ومع الأيام تلاشى أثره.!