خرج المهدى يتصيد، فغار به فرسه حتى وقع في خباء أعرابي، فقال: يا أعرابي هل من قرى؟ فأخرج له قرص شعير فأكله، ثم أخرج له فضلة من لبن فسقاه، ثم أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه.

فلما شرب قال: أتدري من أنا؟ قال: لا! قال: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة قال: بارك الله لك في موضعك! ثم سقاه مرة أخرى فشرب، فقال: يا أعرابي؛ أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة

قال: لا، أنا من قواد أمير المؤمنين.. قال: رحبت بلادك، وطب مرادك! ثم سقاه الثالثة، فلما فرغ قال: يا أعرابي! أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من قواد أمير المؤمنين قال: لا، ولكنني أمير المؤمنين! فأخذ الأعرابي الركوة فأوكأها وقال: إليك عني! فوالله لو شربت الرابعة لادعيت أنك رسول الله.

فضحك المهدي حتى غشي عليه ثم أحاطت به الخيل، ونزلت به الأمراء والأرشاف، فطار قلب الأعرابي؛ فقال له: لا بأس عليك ولا خوف! ثم أمر له بكسوة ومالٍ جزيل.