أبوها: هو أبو أمية بن المغيرة.. أحد أجواد العرب المعدودين وقد سمي «زاد الركب» لأنه كان إذا سافر لا بتر لا رفاقه في السفر يحملون زادًا معهم، بل يكفيهم من زاده الموفور، وأمها: هي عاتكة بنت عامر بن أبي ربيعة، الكنانية من بني فراس المعروفين بالأمجاد التلاد، وزوجها الأول: هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن المغيرة.. صحابي جليل، من المهاجرين الأوائل، والمجاهدين الصادقين، وهو ابن عمة الرسول (برة) بنت عبد المطلب وأخوه من الرضاعة.. أرضعتهما «ثويبة» مولاة أبي لهب.

وهي: هند بنت أبي أمية، المعروفة بأم سلمة، أولى المهاجرات المسلمات إلى الحبشة، ثم إلى المدينة المنورة روت العديد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وشاركت (عائشة) في فخرها بنزول الوحي في حيث نزل على رسول الله صل الله عليه وسلم، وهو في بيتها قول الله عز وجل: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا عليهم، إن الله غفور رحيم} وقد نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه.

وقالت (عائشة) رضي عنها: «لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت حزنًا شديدًا لما ذكر لي من جمالها فتلطفت حتى رأيتها فرأيت والله أضعاف ما وصفت به».


لقد كانت أم سلمة وزوجها أبو سلمة رضي الله عنهما من المسلمين السابقين والمهاجرين الأولين إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة وقصة هجرتهما إلى المدينة من أروع قصص الإيمان الصادق والتضحية والإيثار والصبر الجميل الطويل على المتاعب والآلام فعندما عزم أبوسلمة على الهجرة مع زوجته إلى المدينة بعد عودته من الحبشة إلى مكة المكرمة – أعد بعيرًا وحمل عليه زوجته وولدهما سلمة ثم خرج يقود بعيره وعليه أهله فتصدى له بنو المغيرة أهل زوجته يمنعونه من الهجرة بها ونزعوا خطام البعير من يده وأخذوا أم سلمة فغضب عند ذلك بنوا أسد أهل زوجها وأقسموا لا يتركون ولدها سلمة معها بعد أن نزعها أهلها من صاحبهم وتجاذبوا الوليد حتى خلعوا يده وانطلق به رهط أبيه وحبسها هي بنو المغيرة عندهم سنة أو قريبًا منها وراحت أم سلمة تخرج كل غداة إلى الأبطح بمكة المكرمة وتجلس باكية حتى تمسي –طوال أيامها عند بني المغيرة– حتى مر بها رجل منهم فرق لها ورحمها وحدث عنها عشيرته قائلا لهم: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها.. وما زال بهم يحاورهم ويداورهم حتى لانت قلوبهم بعد قسوة أذنوا لها باللحاق بزوجها أبي سلمة في المدينة المنورة وهناك – في دار الهجرة – ولدت لأبي سلمة عمرة ودرة، وزينب، وعكفت على تربية أولادها وتفرغ أبو سلمة للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل رفع راية الإسلام ونشر دعوته وشهد مع الرسول القائد بدرًا أولى معارك الإسلام الفاصلة واستعمله الرسول على المدينة حين خرج إلى غزوة العشيرة ثم عقد له لواء سرية إلى بني أسد فخاض معهم معركة ظافرة وعاد إلى المدينة يشكو من جرح قديم أصابه في غزوة أحد ومات أبو سلمة – بعد ذلك – متأثرًا بجراحه في غزوة أحد وترملت أم سلمة حتى إذا انقضت عدتها أقبل عليها أبو بكر يخطبها فردته في رفق ثم جاءها عمر بن الخطاب يريدها لنفسه فكان نصيبه كصاحبه وبعث إليها الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك يخطبها لنفسه وما أسعدها بأن تكون زوجة الرسول وأن يضمها بيت من بيوت أمهات المؤمنين ولكنها أرسلت إليه صلى الله عليه وسلم – تعتذر بأنها شديدة الغيرة فتخشى أن تغضبه بغيرتها وأنها ذات عيال وكبيرة في السن؟ فرد عليها الرسول قائلا: أما أنك مسنة فأنا أكبر منك، وأما الغيرة فسأدعو الله أن يذهبها عنك، وأما العيال فإلى الله ورسوله!

وتم زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأصبحت أم سلمة المهاجرة الأولى.. في عداد أمهات المؤمنين تحفظ سنة النبي وتروي حديثه وتحكي هداه..

قالت أم سلمة رضي الله عنها – كما يروي مسلم في صحيحه: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها» – قالت: «فلما مات أبو سلمة قلتها، فأخلف الله لي خيرًا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم».

1976*

* كاتب سعودي «-1925 1993»