الكثير من الآمال عقدت على قمة مجموعة العشرين التي عقدت مؤخرا في مدينة تورونتو الكندية. فتبعات أزمة الديون السيادية اليونانية آخذة في التفاقم، الأمر الذي يهز ثقة المستثمرين في الأسواق المالية، والتي دائما ما تتفاعل معا في حال اتخذت إحداها اتجاها هابطا. اعتقد الوسط الاقتصادي أن هذه القمة بإمكانها إعادة الأمور إلى نصابها والاتفاق على وسيلة ما لإعادة الثقة في الاقتصاد العالمي المهزوز كما فعلت في بداية الأزمة الاقتصادية العالمية قبل عامين. ولكن جاء البيان الختامي للمجموعة مخيبا للآمال بشكل كبير، فهو وإن ركز على أهمية دعم واستمرار النمو في الاقتصاد العالمي، إلا أنه أظهر انقساما كبيرا بين أصحاب القرار تمثل في عدم قدرة المجموعة على العمل بشكل متجانس للمصلحة العامة لكافة أعضائها. هذا الانقسام ظهر بداية في اجتماع مجموعة الثماني بين أوروبا وأمريكا، ولكن لم تتمكن بقية دول مجموعة العشرين من تقريب وجهات النظر.

أوروبا المثقلة بأزمة الديون السيادية اليونانية، وبعجوزات كبيرة في ميزانياتها العامة، أرادت من القمة أن تركز على معالجة العجوزات والديون العامة المتراكمة. فبحسب وجهة النظر الألمانية الأوروبية، فإن هذه الديون العامة ما تلبث أن تدفع بمعدلات التضخم إلى مستويات مرتفعة غير مسبوقة، قد تصل لدرجة تعطل السياسة المالية بشكل كامل. المخاوف الأوروبية مبررة كون عملتها اليورو في موقف ضعيف، ولكن هذه المخاوف لا تجد أصداء لدى الولايات المتحدة. فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تعاني من نفس المشكلة الأوروبية المتمثلة في دين عام ضخم يتهدد الاقتصاد، إلا أنها أكثر خشية من دخول اقتصادها، وبالتالي الاقتصادي العالمي، في ركود حاد مزدوج. ولتفادي خطر الانكماش، فإن أمريكا ستستمر في دعم خطط التحفيز المالية الحكومية، والتي تؤثر بشكل مباشر على مستويات الدين العام ارتفاعا.

بقيت الدول الصاعدة الممثلة في المملكة وتركيا والبرازيل والهند وروسيا والصين في موقف المتفرج. فالخلاف الذي جاء من قمة مجموعة الثماني استمر حتى البيان الختامي لمجموعة العشرين. فقد تشكل البيان الختامي بناء على تنازلات من جانب الأوروبين ومن جانب الأمريكيين، ثم توليف هذه التنازلات بحل وسط غير ملزم ذي تعابير فضفاضة، ليظهر أن المجموعة تعمل بشكل موحد. بإمكان الدول الصاعدة أن تعمل بشكل أكثر تأثيرا في المجموعة التي أصحبت المجلس الاقتصادي العالمي الأعلى. فلو قامت هذه الدول بتوحيد أجندتها والاجتماع معا على أهداف محددة كما فعلت دول مجموعة الثماني باجتماعها قبل قمة العشرين، لكان من الممكن أن نشهد دورا أكبر لهذه الدول. فبدلا من أن تنظر الدول لاقتصادياتها بأنها لن تتأثر كونها الأقل تضررا من الأزمة العالمية، يمكن أن تغير النظرة وتستغل هذه النقطة لتحويل مسار الاقتصاد العالمي باتجاهها.