بغض النظر عن عمرك أو مركزك أو ثقافتك، سوف يطعنك شخص ما في ظهرك في مرحلة ما من حياتك! وعلى الأغلب ممن لم تتوقع أبدا أن تأتي الضربة منه! نعم ما نعرفه أن الصديق هو من يقف إلى جانبك، يشعر بك قبل أن تفتح فمك للتحدث، يسعد بتقدمك ويدعمك، وبكلمات الود والمحبة يمسح أدمعك في حالات الحزن والألم، وأحيانا يقسو عليك لتستيقظ وتنفض غبار الفشل وتنطلق من جديد.. صفات نبيلة، ولكن أحيانا نُصدم ممن أعطيناهم الثقة وتخلينا عن حذرنا وفطنتنا في تحليل الشخصيات، ليس عن علم وتخصص، ولكن عن خبرة في الحياة! ولكن الصدمات في الحياة كثيرة! ماذا نفعل؟ هل نستسلم؟ هل ننطوي على ألمنا وننسحب؟ هل نواجه؟ تضارب الأفكار والمشاعر في داخلنا وحجم الفجيعة قد يقيدنا، بل يجمدنا إلى أن نستعيد التوازن ونجلس مع ذاتنا لنفكر بهدوء.

علمتنا الحياة أيضا أننا قد نتعرض للغدر من صديق لمرات عديدة، وأحيانًا قد نشعر بأن هنالك شيئا ما غير عادي في تصرفات تلك الشخصيات مما يجعلنا نتوقع، ولكن دون تأكد، حدوث أمر ما غير مريح، وفي أحيان أخرى، نُفاجأ تمامًا! عادة ما يكون لدى البعض منا حدس قوي، لكن في بعض الأحيان يأتي ذلك بعد فوات الأوان، لأن الضحية غالبا ما تكون طبيعية ومنفتحة، وبالتالي تمنح الثقة بسهولة.

مثل هذه الشخصيات تكون عادة مريضة، ولديها نقص في تقدير واحترام الذات، وتعتقد بأنك المشكلة التي تعيق صفاء حياتهم، وهم متلاعبون بارعون وكذابون ماهرون وممثلون رائعون! في شغل دائم يبحثون عمن يلقون عليه اللوم لأي خلل يعترضهم، أي أن الأمر ليس لأنك بالذات، بل لأنهم في بحث دائم عن عدو، وقد يحاربونه بك!

بعض هذه الشخصيات، للأسف يدخلون دائرة حياتنا ممن يعتقدون أن الكذب، وإيذاء الآخرين، والتسبب في انتشار الشائعات من القيل والقال، أمر ضروري للتقدم والارتقاء أو لمجرد التسلية والترفيه، هؤلاء هم الشخصيات الخطرة، والذين يجب أن تحاول تجنبهم بأي ثمن! وإن تمت الأذية، إليكم بعض ما وجدته خلال تصفحي وقراءاتي عن الموضوع، مما يمكننا القيام به لحماية أنفسنا إذا ما واجهنا مثل هذا الأمر في حياتنا:

· أول ما نقوم به هو حذف هذه الشخصية من حياتنا على الفور، وأي شخص آخر يدعم سلبيته.

· نبدأ بالتفكير في السيطرة على الضرر الذي نتج، أي يمكن البدء من خلال إيصال الحقائق لكل من يهمه الأمر.

· لا تسمح للأمر بأن يسيطر عليك، اعمل على التركيز على ما تستطيع أن تتحكم به، وفي النهاية سوف تظهر الحقيقة.

· لا تجتر الأمر وتعطيه جل تفكيرك، بأن تعيد الموقف في ذهنك وتكرر ذلك بحيث تجيش المشاعر السلبية من جديد.

يقول إبراهيم الفقي: «عندما نلوم الآخرين نصبح ضحاياهم، ونبرر تصرفاتنا تجاههم، ونعطيهم جزءا من لحظات حياتنا التي من الممكن أن تكون الأخيرة».

- ارتقِ فوق الحدث وركز على ذاتك، استخدم الوقت وكل ما تملكه من طاقة للتركيز على حياتك سواء الأسرية أو الاجتماعية أو المهنية، استمر في الإنتاج والعطاء والتواصل مع من حولك، ولا تتقوقع على ذاتك وتنسحب.

- بعملك وتصرفاتك واستمرارك على نهجك سوف تصحح أي سلبيات بثّت حولك، الفعل هو أكبر دليل، وليس رد فعل انتقامي ومن نفس الكأس أو الطريقة، فلا تريد أن تهبط إلى مستوى أنت لا تنتمي إليه أصلا.

- خذ الأمر على أنه تجربة، واخرج من الصندوق وقيّم الوضع لترى أنه كما فيه سلبيات توجد فيه إيجابيات؛ قد يكون الأمر ما زال مؤثرا لحداثته، ولكنه سيمر أيضا مثل جميع التحديات التي تمر في حياتنا، والحمد لله أنك اكتشفت انحطاط ودناءة هذه الشخصية قبل أن تتسبب في المزيد من الضرر في حياتك.

- ركز على من دعمك ويدعمك، ركز على العائلة والأصدقاء الحقيقيين ممن وقفوا إلى جانبك في كل الظروف، ولا تركز على من لم يدعم أو وقف بكل سلبية ولم يتحرك لصد التعدي عليك، فمثل هؤلاء لا يعتبرون خسارة، بل البعد عنهم يعتبر غنيمة.

- وأخيرا قم بإعادة تقييم لحياتك، وقم بفرز جديد لنقاط ضعفك ونقاط قوتك، وتذكر أننا بشر وأننا أحيانا نضعف أمام الصدمات، ولكن هذا لا يعني النهاية، إنها مجرد بداية من مئات البدايات غيرها في مسيرة الحياة، ولتدرك حينها أنك بفضل الله ورحمته ـ سبحانه ـ أفضل حالا بدون تواجد تلك الشخصيات السامة في حياتك.

تقول سلمى مهدي: «دائما ما أقف في سكون باحثةً عمن ألقي عليه اللوم، ولكنني في النهاية لا أجد سوى نفسي!». رغم قسوة المقولة على الذات، لكنها صوت قوي يدوي في الضمير والوجدان، إن أردت أن تلوم أحدا فليكن ذلك الشخص هو أنت! لأنك رغم تكرار الدروس لم تُفعل أدوات الاستشعار، وأصررت على البقاء بين الغيوم تتعامل مع البشر وكأنهم جميعا ملائكة تمشي على الأرض! العطاء والمشاركة وتقديم حسن النية أمر بديهي في التعامل الأخلاقي والراقي مع الغير، ولكن أيضا الحذر وقراءة الأحداث، والأهم من ذلك كله الإصغاء لذاك الصوت الآتي من الداخل لينبهك بأن هنالك أمرا ما غير طبيعي يحدث، فتعلم من التجربة، قف انفض الغبار ارفع رأسك وامضِ قدما، فلا شيء يقهر النفسيات المريضة سوى أن تقابل غدرهم بالسعادة والنجاح والارتقاء.