تضج يوميا شبكات التواصل الاجتماعي والجلسات الحوارية الواقعية بحديث عن الإعلام بعمومه وعن إعلامنا السعودي بخصوصه، وتكاد تكون نقطة التمثيل الخارجي لإعلامنا أحد أهم منطلقات حديثهم. ولأن اللغط تزايد في الفترة الماضية حيال هذه الجدلية، وتحديدا ما حدث مؤخرا بين الأمير عبدالرحمن بن مساعد والإعلامي عضوان الأحمري. لا بد لنا حين نتناول هذا الموضوع أن نتحدث برؤية أكثر شمولية واتساعا للأفق، وهل ما ينتقد به إعلامنا من قصور داخلي وخارجي في محله أم لا.

لكي نتحدث عن المنظومة الإعلامية، لا بد وأن نوسع نطاق حديثنا، ونلتقط الصورة من العالم الخارجي والممارسات الدولية وصولا بالإعلام السعودي. والبداية بتساؤل بديهي يأتي على شكل «هل يوجد إعلام دولي مؤثر وساهم في تشكيل رأي عام عالمي قوي نحو توجهات البلد الصادر عن ذلك الإعلام؟» الإجابة ستكون بكل تأكيد نعم. فلولا بعض القضايا التي أثيرت دوليا ودعمت توجهات الدول الممولة أو الحاضنة لتلك المنصات لما تكونت الكثير من الآراء السائدة! ومن هذا المنطلق يجب أن ننتقل في حديثنا عن إعلامنا. ومدى لعبه لهذا الدور فمن غير المنطق أن نقبل بتلك الممارسات من قبل الإعلام الدولي وعند إعلامنا نقف ونقول إن تلك ليست من مهام الإعلام بل ومن يعتبرها كذلك سيوصف بالجهل!، فمن يدرك العملية الإعلامية بدقة ويدرك المفاهيم الاتصالية المرتبطة بها يدرك أن الدعاية أحد أهم الأدوات الموظفة من قبل الأجهزة الإعلامية، وأن غالبية الوسائل الإعلامية وتحديدا الإخبارية لا تعدو عن كونها أجهزة دعائية.

الأمر لا يتطلب اختراع العجلة من جديد، هناك قواعد أساسية تسير بها منظومة الإعلام فلكل وسيلة أجندة، والذكي منها من يستطيع تمريرها للمتلقي بمهنية وبموضوعية بالغة وهنا بيت القصيد. فوجود أجندة للوسيلة لا يعني البتة تقاطعها مع مفاهيم المهنية والموضوعية. أما عن الحياد فهو أكذوبة نسجت ضد الإعلام لا أساس لها من الصحة.

ولكي نؤسس إعلاما قويا خارجيا يجب أن تكون نقطة البدء من أرضية ما الذي يريد الطرف الآخر سماعه؟ ماهي المواضيع التي تثيره؟ وماهي اللغة التي تجذبه؟ أما عملية ترجمة محتوانا للغة الطرف الآخر فالأمر لا يعدو عن كونه ترجمة حرفية لا قيمة إعلامية لها تذكر، ولنا في العديد من النماذج في ذلك خير دليل وبرهان.

قد يواجه الإعلام أزمة عدم رغبة الطرف الآخر سماعه، وبالتالي فإن الحلول ليست في قبضة الأجهزة الإعلامية في هذه الحالة. هنا يكمن دور جماعات الضغط والأدوار الدبلوماسية للسفارات والقنصليات، وكذلك للأندية الطلابية في الخارج في كيفية إيصال رسائل الداخل إلى محيط خارجي مسموع لتكون رافدا قويا مع الإعلام.

الحديث عن تأثير الإعلام من عدمه لا يقتصر على وسيلة واحدة فقط، وإنما الحديث يكون أكثر شمولية. فإن هذا التخصص يحوي مجالات متعددة. فتأثير صناعة الترفيه عبر بوابة السينما أو المحتوى الترفيهي للقنوات، يلعب دورا مهما أكثر تأثيرا من القنوات الإخبارية في إيصال الرسالة للخارج، كون الجانب الجاد أو المحتوى الجاف غالبا ما يستهدف التأثير في النخب فقط.

يقول مالكوم اكس:

«وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. لديهم القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة. لأنها تتحكم في عقول الجماهير».