أسهمت العديد من المعوقات في صعوبة انتقال بعض ملاك المزارع إلى طرق الري الحديثة لسقاية محاصيلهم وحصرتهم في استخدام أساليب الري القديمة، أبرزها ارتفاع التكاليف الإنشائية، وإمكانية انسداد المنقطات والرشاشات بالأوساخ، فضلًا عن نقص الإرشاد الزراعي لتثقيف المزارعين بالطرق الحديثة وفوائدها، بالإضافة إلى غياب الأنظمة والقوانين التي تردع من يهدر المياه الجوفية.

ضرورة التحول

وناشد مدير قسم الإرشاد الزراعي بفرع وزارة الزراعة في منطقة نجران الإخصائي حسين آل قدرة، المزارعين إلى ضرورة التحول لطرق الري الحديثة (الري بالتنقيط وبالرشاشات)، والابتعاد عن الري بالغمر حفاظًا على المياه، ومنح النباتات القدر الكافي من احتياجاتها المائية، عند استخدام الري الحديث، مؤكدًا أن ذلك يحقق كفاءة ري عالية تصل إلى 95 %، وتضمن اختلاط الأسمدة الكيماوية مع مياه الري ووصولها إلى النبات في صورة سهلة الامتصاص.

صالح للأراضي

أضاف آل قدره لـ «الوطن»، بأن الري الحديث يصلح لجميع أنواع الأراضي (رمليه- طينية- متوسطة)، ولجميع الأراضي المستوية وغير المستوية، وفوق هذا إمكانية القيام بالعديد من العمليات الزراعية للنبات أثناء الري، كما أنه يعتبر النظام الوحيد المناسب لجميع أنواع الزراعات المحمية، ويمكنه السيطرة بدرجة كبيرة على نمو الحشائش الضارة، ويوفر العمالة التي تتولى مهمة الري.

عيوب وأضرار

وعن عيوب طرق الري الحديثة، قال آل قدرة: لتلك الوسائل عدة عيوب، أهمها ارتفاع التكاليف الإنشائية العالية مقارنةً مع طرق الري القديمة، وكذلك إمكانية انسداد المنقطات والرشاشات بالأوساخ والأملاح التي تضر المحاصيل الزراعية، فضلًا عن تجمع الأملاح حول النبات وصغر المساحة المروية.

معوقات التطوير

ويؤكد المستثمر الزراعي منصور آل مستنير، أن تطوير أساليب الري القديمة، سيكون له أثره البالغ في وقف استهلاك المزارع وسحب كميات كبيرة من مخزون المياه الجوفية الشحيح أصلًا، إلا إن هناك معوقات تحول دون ذلك وفي مقدمتها غياب الإرشاد الزراعي لتثقيف المزارعين بالطرق الحديثة وفوائدها، والحاجة إلى تأهيل وتدريب المزارعين على حسن إدارة عملية الري، فضلًا عن ارتفاع تكاليف تأمين وسائل الري الحديث، مما ينتج عنه عدم قدرة المزارع على تحسين أساليب الري، في ظل شكوى بعض المستثمرين من عدم تحقيق العوائد المالية المناسبة عند تسويق منتجاتهم الزراعية من الخضروات والفواكه بالإضافة إلى عدم توفر الدراسات اللازمة عن نوعية التربة قبل تحديد طريقة الري المناسبة في المزرعة، وغياب الأنظمة والقوانين التي تردع كل من يهدر المياه الجوفية عند اتباعه لطرق الري القديمة، بالإضافة إلى عدم إقامة السدود الأرضية على امتداد وادي نجران، للحفاظ على المياه الجوفية، وإيقاف هدر المخزون بمروره عبر الوادي إلى صحراء الربع الخالي.

السواني والمحاحيل

ويقول المزارع محمد حسين جودة: تعددت طرق الري بين الماضي والحاضر, ومن أهمها قديما السواني، وهي عملية استخراج المياه من الآبار بواسطة الجمال وغيرها، وعادة يبدأ الساني قبل صلاة الفجر، بالتصدير وهو بداية استخراج الماء، وتستخدم لري الحيوانات والماشية، ونقل المياه إلى البيوت مقابل أجرة معينة، ويستخدم في السواني حيوانات مدربة لهذا الغرض منها الإبل والثيران والحمير بحيث تمشي مسافة داخل أرض محفورة تسمى المنحاة، وتقف عندما يصل الدلو إلى قاع البئر ليمتلئ مرة ثانية وهكذا، وتصب الماء من الدلو في اللزاء وذلك لجمع الماء ومن ثم توزيعه، ومن الأدوات المستخدمة الرشا والسريح والمقاط والضمد، وتشتهر بها منطقة نجد وعدة مناطق في المملكة، وتصدر الدواليب الخشبية للسواني (تسمى باللهجة الشعبية المحاحيل) أصوات مميزة يقوم الساني بإنشاد الأشعار والغناء معها.

مقارنة التكاليف

ويرى المزارعان ناصر آل عباس ومحمد سمحان، أن طرق الري القديمة مكلفة أكثر من طرق الري الحديثة إضافة إلى تكلفة أجور العمالة ورواتبهم الشهرية وكمية إهدار الماء، وأضافا: لو استعرضنا بالتفصيل التكلفة في الماضي سنجد المزارع يقوم بحفر بئر ارتوازية تكلفتها من 8 إلى 12 ألف ريال وذلك حسب بعد الماء، بخلاف ماكينة التشغيل التي تتراوح تكلفتها من 4 حتى 8 آلاف ريال، حسب جودتها وصناعتها وحجمها، وكذلك طرمبة الماء بتكلفة 3 آلاف ريال، بخلاف المواسير والمشتقات البترولية كالديزل الذي يكلف الشي الكثير.

الغطاس المائي

وفي الوقت الحالي وفر الغطاس المائي الذي يعمل بالكهرباء الشيء الكثير على المزارعين، حيث تبلغ تكلفته 4 آلاف ريال، ليستخرج الماء بقوة دفع قوية ويتم توزيعه على الرشاشات أو ليات التنقيط، ويبلغ تكلفة الإمدادات من ليات ورشاشات وسدات ومحابس ما يقارب 6 آلاف ريال للمزرعة المتوسطة، وفوق هذا لايحتاج إلى عمالة، فبمجرد ضغطة زر ينتهي كل شيء، ويتم ري المزرعة خلال ساعات، والأهم من ذلك هو توفير المياه بشكل كبير.