يعد التنمر الإلكتروني أكثر خطورة من التنمر التقليدي، حيث إن التنمر الإلكتروني يكون الفاعل غالبا مجهول الهوية، كما أن مادة التنمر موجودة على الشبكة الإلكترونية مما يجعل انتشارها وتأثيرها سريعا وطويلا في الظروف الحالية ومع انتشار استخدام الأطفال للأجهزة الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى أصبح الواقع الافتراضي يهمين على حياة كثير من الأطفال، ويجدون فيه متنفسا لطرح أفكارهم وآرائهم وهواياتهم والتي تعكس براءتهم وعدم معرفتهم للمجهول في الجانب الآخر من الشاشة. لقد أصبحت الأجهزة الإلكترونية نوعا من الإدمان الذي يمارسه الأطفال في البيوت في ظل تساهل وتسامح من الأسرة والذين يعتقدون أن بقاء الطفل لفترات طويلة بالبيت هو نوع من الحماية والاطمئنان التي تقدم للطفل، على الرغم من قدرة وصول الأطفال إلى مواقع العنف والمواقع الإباحية. ولهذا كان لزاما على كل أسرة أن تتنبه لتلك المخاطر التي يحملها الواقع الافتراضي للطفل، وكيف يمكن أن يتعرض لكل أنواع التنمر دون أن نتنبه لهذا الخطر أو نستدركه مبكرا.

التنمر الإلكتروني على الأطفال قد يمارس من خلال إرسال الرسائل والصور والإيحاءات والتي قد يكون الهدف منها تخويف الطفل أو التحرش به أو إحراجه أو استدراجه. ومن أشكال التنمر الشائعة بين الأطفال إخراج الطالب من المجموعة، وجعله منبوذا أو الحصول على صور خاصة ومن ثم الابتزاز بها أو تحرش مباشرة أو تهديد بالعنف أو سرقة الحساب واستخدامه بشكل مسيء. وإدمان المواقع الافتراضية قد يولد بيئة خصبة للتنمر عند البعض ويجعلهم فاقدي الإحساس والمشاعر، فيرون كل فعل قبيح على أنه عادي وطبيعي. كذلك قد يكون غياب الرقابة من البيت والمدرسة سببا في خلق أفراد متنمرين وأفراد يتم التنمر عليهم.

الشيء المخيف في حالات الأطفال الذين يتعرضون للتنمر أن اكتشاف تلك الحالات قد يكون متأخرا وصعبا ويفسر على أنه سلوكيات مقبولة كالعزلة والوحدة والقلق والخوف والاكتئاب وأحيانا الغضب والعنف. ومن العلامات المبكرة لتعرض الطفل لحالات التنمر التوقف المفاجئ عن استخدام الأجهزة الإلكترونية وظهور الكوابيس أو الخوف من النوم منفردا، وفقدان الشهية أو زيادة الوزن بشكل مفاجئ نتيجة النهم في الأكل، عدم مشاركة العائلة أنشطتهم واجتماعاتهم. وقد تظهر العلامات على شكل تهرب من الحضور للدروس الافتراضية وانخفاض في التحصيل العلمي والدرجات، وقد سجلت بعض حالات ومحاولات الانتحار لدى الأطفال في مراحل متقدمة من التنمر الإلكتروني. وعند غياب الدعم والمتابعة، فإن الشخص الذي يتعرض للتنمر قد يحتفظ بتلك المواد التي كانت مدعاة للتنمر عليه وتجعله يشاهدها باستمرار ومن ثم تتدهور حالته النفسية للأسوأ.

لقد كانت مبادرة جميلة من وزارة التعليم الاهتمام بالتوعية بالتنمر الإلكتروني، ولكنها مبادرة تحتاج إلى متابعة ومشاركة من الأسرة لتحقيق الهدف المنشود في إيقاف التنمر وحماية الأطفال. كما أن المناهج العلمية يجب أن تشمل وبشكل مستمر قيم التسامح والتعاطف والعلاقات الإنسانية وغرسها في عقول الأطفال. كذلك فان تواجد العائلة في الحياة الافتراضية للطفل شيء مهم من خلال إيجاد رقابة غير ظاهرة وغير مقيدة لحريته المطلوبة. وأخيرا تشجيع الأطفال على الحديث عن تجاربهم ومشاكلهم ومشاكل زملائهم ومساعدتهم بطرح الحلول لكل صديق لهم يقع في براثن التنمر.