بحمد الله، أنهيت تطعيمي بالجرعة الثانية قبل عدة أيام، والحقيقة، كنت أود أن أكتب انطباعي عما رأيت بعد الجرعة الأولى، ولكن رغم أن الشواهد تقول إن ما رأيت هو نتيجة تنظيم ثابت. وليس محض صدفة، ولكن آثرت جعله بعد الجرعة الثانية لكي يطمئن قلبي.

والواقع أن الزيارة الثانية للمركز، زادتني يقينا أن هذ العمل المتقن وليد فكر وجهد وإرادة، وهذا يؤكد لكل مرفق أن الفكر والإتقان والإبداع لهم مكان وليسوا من الأساطير إذا ما أراد العاملون، ولا أعذار للمتقاعسين والمترددين الذين يعتذرون بأن الإمكانية غير متوفرة، أو أن الرجال والسيدات ما هم بتلك الكفاءة لتقديم نموذج نجاح، وأن الرئيس الذي وحيد زمانه، اجتهد وكافح وانشغل من أخمص قدميه إلى نافوخه بتوقيع أوراق لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى أنه لم يعد يستطيع أن يحك شعره، وقد يستعين لذلك بصديق، بحكم أن الموظفين كمان مش فالحين بحك الشعر، فكيف في العمل، ويد واحدة ما تصفق.

الخلاصة بعد ما أخذت الجرعة الثانية وخرجت أحسست بفخر كبير، وأنا أرى أولئك الشابات وهؤلاء الشباب في أروع الصور الوطنية التي تكاد تنطق بلسانهم نحن هنا، نحن نبت السعودية وملكها الحكيم، ونحن أجيال رؤية محمد بن سلمان.

منذ دخلت شعرت وكأني أتنقل على كفوف الراحة، ترعاني ملائكة الرحمة بعطاء رائع منظم، وإنسانية تبدأ من يا مرحبا بك، وتنتهي بشرفتنا، نتمنى لك الصحة. والذي بحت به ليس من الخيال ولا الأحلام، إنها الحقيقة، والذي لا يصدق يتطعم.

وإني أتمنى إن كل المسؤولين يبادرون إلى التطعيم، مش عشان صحتهم، وهي تهمنا وغالية علينا، ولكن أيضا ليروا أن النجاح والإبهار ممكن إذا ما وجد العزم وأعطيت الفرص، ولم تبق مفاتيح العمل والإنتاج بيد شخص واحد، لا يتمكن من الانتقال من فكر روتيني ومكانك راوح إلى مستويات الإتقان والإبداع.

إني أرفع العقال تقديرا وعرفانا لكل العاملين في الصحة بدون استثناء، فهم جنود في معركة انتقلوا من الدفاع إلى الهجوم للقضاء على هذا الفيروس الخبيث، وفي نفس الوقت أحث كما فعل ذوو الاختصاص على التطعيم حماية لنا، بإذن الله، ودعما لجهود هؤلاء الجنود في هذه المعركة، وفي خضم هذا النجاح الذي تحققه المملكة متفوقة على كثير من بلدان العالم، بما فيها دول أوروبا وأمريكا وغيرها.

لا يفوتني أن أذكر جهود العلماء الحثيثة في العالم لإنتاج اللقاحات خدمة للعلم وإنقاذا للبشرية، في مدد تعد قياسية ومع عدم غض النظر عن أن التجارة هي محرك رئيس لهذه الجهود. كنت أتمنى أن يتاح إنتاج اللقاحات لدول العالم دون أنانية في كل دولة قادرة على إنتاجه وفي ظل تقدم التقنية يمكنها أن تحتفظ بحقوقها، في كل جرعة تنتج خارج طار منطقة الإنتاج الرئيسة.

وإني إذا جاز لي أن أقترح، أتمنى أن تمنح جائزة نوبل هذا العام لكل الكوادر الصحية في العالم، وعلى النطاق المحلي، فإن وساما على صدر كل من أسهم في محاربة هذه الآفة هو وسام مستحق، ولسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وسام الحب والوفاء والعرفان من شعبهما لمقامهما الكريم لما يقدمانه من بذل وجهد في سبيل أمان وصحة المواطن والمقيم.

وحيث إن الأمر عن اللقاح، فإنه رغم النجاحات المتتالية لا يزال هناك أمراض لم يكتشف لها لقاح حتى الآن مثل الإيدز والملاريا ونقص المناعة واللشمانيا وغيرها.

وقد كان أول لقاح معترف به على يد الطبيب الإنجليزي إدوارد جانر باستخدام مادة الجدري البقري لتحفيز المناعة ضد الجدري عام 1796 واستمر تطويره لمدة 200 عام حتى قضي على مرض الجدري.

وفلسفة اللقاحات هي استخدام فيروسات موهنة أو مقتولة لنفس المرض المستهدف.

ويطعم به الأفراد وهذه لا تكون قادرة على تسبيب المرض ولكنها فاعلة لتحفيز المناعة ضده، وقد يتبادر للذهن أن اللقاح لا بد أن يكون في هيئة حقنة تغرز في الجلد والحقيقة هناك عدة طرق منها بخاخ الأنف وأخرى كمجموعة إبر متناهية الصغر توضع على الجلد فينتقل منها اللقاح إلى الإنسان.

ولعله يجدر بالذكر أن ما تعرضت له لقاحات كورونا من لغط كبيرمن حيث الإشاعات. فإن الفيروس مؤامرة وإن اللقاحات غير آمنة بل مضرة. والتي نفتها كل المؤسسات الطبية سواء المنتجة أو المحايدة كمنظمة الصحة العالمية وهيئات الدواء والغذاء في معظم دول العالم.

هذه الأحداث لم تكن الأولى في التاريخ ولن تكون الأخيرة. فتضارب المصالح والآخرون المتشائمون. الذين لا هم لهم إلا بث القلق والتقليل من الإنجازات العلمية. هؤلاء لا يختلفون عن المتخلفين الذين حاربوا العلم من أكثر من قرن ونصف القرن، معترضون بشدة وعنف على إنجاز العالم إدوارد واجنر ولقاحه ضد الجدري.

الغريب أن تلك المقاومة صدرت من جهات صحية وسياسية وعلمية ودينية. بل تأسس اتحاد باسم ليستر لمناهضة اللقاحات وأحيانا التاريخ يعيد نفسه، ولكن العلم يتقدم ولن يتوقف وفي نفس الوقت لا يزال للجهل والجهلاء بقية.