لم يكن لوزارة الصحة حضور في حياة المواطن كما كان - وما زال - لها منذ بداية أزمة كورونا. توصيات الوزارة، مؤتمرها الصحفي، تعليماتها، أصبحت هي ما ننام ونستيقظ عليه، لنلتزم به من أجل سلامة تجنبنا- بأمر الله - تداعيات قد تضرنا كأفراد ومجتمع، لولا قدر الله تمكن منا فايروس كوفيد - 19.

نحن كمواطنين تدرجنا مع الوزارة وغيرها من الجهات في مراحل مختلفة، بدءا من اكتشاف تفاصيل الفيروس إلى كيف نقلل من خطره، إلى كيف نعالج أعراض الإصابة به، مراحل متعددة ومتعبة وصلنا فيها إلى مرحلة اللقاح وأهمية الحصول عليه للعودة إلى الحياة الطبيعية التي كلنا بلا استثناء اشتقنا إليها.

ما أستغربه أن البعض ما زال متخوفا من اللقاح، متكاسلا أو ممتنعا عن أخذه، بانيا مخاوفه على نظرية مؤامرة ساذجة، أو مستندا على مصدر - يقولون - المعتمد عند البعض على مستوى من الوعي جعل قيل وقال وكثرة سؤال مواقع التواصل الاجتماعي غير الموثوقة أكثر أهمية ومصداقية من الجهات الرسمية التي لا تخطو خطوة ولا تعتمد لقاحا أو دواء، أو تعتمد إجراءات وقائية أو علاجية إلا وهي تضع السلامة والأمان الصحي للمواطنين أولا وأخيرا نصب عينيها.

لكل المتخوفين: دعونا نتناول الأمر من ناحية دينية، صحية، اقتصادية، اجتماعية، بشكل مختصر جدا تقتضيه مساحة المقال، ومن ثم نعيد التفكير.

دينيا، يقول الله عز وجل في الآية 195 من سورة البقرة (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، كلنا يعلم أن هذا الفيروس بشراسته على البعض وسرعة انتشاره وتباين تأثيره في من يصيبهم، يجعلنا بعد مقارنة بسيطة بين أضراره المهلكة التي قد تصيبنا أو قد نتسبب بإصابة غيرنا بها، وبين تلك المخاوف المبنية على وهم لم تثبت صحته، نبادر إلى سرعة التطعيم تجنبا لتهلكة لو حدثت لتحملنا وزرها كاملا بظلمنا لأنفسنا أو لمن تسببنا بأذيتهم.

صحيا، يجب أن نتمتع بوعي يجعلنا ندرك أن اختلاف تأثير الإصابة في البشر، لا يعني أن نستهتر به، إن كانت مرت علينا بأعراض خفيفة أو بفضل من الله استطعنا أن ننعتق من عنق زجاجة صعوبته، فمن باب الضمير والإنسانية والأخلاق والخوف من الله، يجب أن نفكر بالفئة الضعيفة أمام هذا الوباء الذي لسبب ما يفتك بها هذا الفيروس ويسرق منها حياتها، يجب أن نعمل كلنا على حمايتها، وهذا لن يتم إلا إذا تحصنا وتحصنوا بعد حفظ الله باللقاح الذي يمنحنا مناعة تتجاوز الـ 59%.

اقتصاديا، على مستوى العالم، كورونا في سنة واحدة تسببت في انهيارات اقتصادية كبيرة جدا، طالت شركات عالمية كبرى لم نكن نتخيل سقوطها، وما أصاب العالم أصابنا منه من الضرر جانب، فكثير من الشركات والمؤسسات تأثرت، والأكثر من الشباب أصحاب المشاريع الصغيرة الذين عقدوا أحلامهم وأمانيهم على نواصي مشاريعهم الصغيرة، التي تعثرت بها أرجل آمالهم عندما لم تستطع القفز فوق حواجز أضرار الجائحة، وهنا نقول لكل من خشي الإقدام وامتنع عن التطعيم، اللقاح هو حلنا الوحيد بعد الله للعودة إلى الحياة الطبيعية، والعمل بجد، بتعاون وتكافل وتعاضد مجتمعي، لنبني ما هدمته هذه الأزمة الصحية، لننعش ما يحتضر من أحلام شباب يريدون أن يشقوا طريقهم في الحياة دون خسائر ستجرنا إلى ما هو أسوأ شخصيا ومجتمعيا.

أما مجتمعيا، فالعزلة والاحترازات وممارسة الحياة ضمن محاذير كثيرة، أثرت في نمط اجتماعي اعتدنا عليه، كطقوسنا الاجتماعية الرمضانية التي افتقدنا فيها لذة الصلاة في المساجد، والاجتماعات العائلية على الموائد، وفرحة الأعياد والزواجات والمناسبات التي حصرتها الجائحة بأعداد والتزامات أثرت في نفسياتنا، بل حتى مؤازرة أحبابنا من خلال زيارة المرضى، أو تقديم واجب العزاء وغير ذلك، كله تأثر وأثر. وإن كنا نحن ككبار نقدر ونفهم، فهناك أطفال تأثرت حياتهم وأصبحوا لا يغادرون البيت حتى إلى مدارسهم، مما أثر فيهم نفسيا بشكل كبير، والمشكلة أن مستوى إدراكهم لا يمكن أن يستوعب خطورة الوضع. لذلك فاللقاح هو الحل بعد الله من أجل عودة حياتنا إلى طبيعتها.

خلال هذه الجائحة التي أربكت العالم، رأينا كيف تعاملت دولتنا معها بحكمة وعزم وحزم، جعلانا الآن قاب قوسين أو أدنى من تحقيق انتصار على الفيروس، يعيد أمورنا إلى الوضع الطبيعي. هذه الدولة بمسؤوليها لن تجازف بحياة مواطنيها أو تضحي بهم لأي سبب من الأسباب، لقاحاتنا المعتمدة بأمر الله آمنة وفعالة، مراكز اللقاحات فتحت أبوابها للمواطن والمقيم على مدار الـ 24 ساعة لاستقبال من اختار الخيار الحكيم والأكثر أمانا، وكبارنا ومسؤولونا هم أول من بدأ بأخذ اللقاح لنطمئن، ولم يبق إلا أن نستجيب نحن ونحصل على اللقاح.