تعاضدت 6 أسباب لتجعل من الأنظمة التعليمية المساندة خيارات مستقبلية للتعليم، ستجعل من الانتظام التقليدي الحضوري المستمر مجرد خيار له عدد من البدائل، بعدما كان الخيار الوحيد المتاح والمقبول لفترات طويلة.

ولعل جائحة كورونا أفرزت وسرّعت الحاجة إلى نظم بديلة ومساندة للتعليم، حسب ما أكده أستاذ علوم الحاسبات بجامعة الملك عبدالعزيز، البروفيسور أسامة أبو النجا لـ«الوطن»، موضحا أن دول العالم تتكفل بتقديم التعليم العام لمواطنيها بالمجان، وأن القليل منها تقدم التعليم العالي بالمجان أيضا كالمملكة.

وبين أن القطاع التعليمي يعد من أكثر القطاعات الحكومية أهمية وتكلفة، ودائما ما تكون عملية الموازنة بين ترشيد الإنفاق على التعليم وجودته الهاجس الأكبر للدول.

وشدد أبو النجا على أن «ثمة أسباب عدة أفرزت الحاجة إلى أنظمة تعليمية مساندة، بعدما كان النظام الدراسي الوحيد المعمول به في الجامعات إلى زمن قريب هو نظام «الانتظام»، حيث يُلزم هذا النظام الطالب بالحضور إلى الجامعة بصورة مستمرة (في معظم الأحيان يوميا) وفي أوقات محددة، ولأسباب عدة قامت الجامعات بإيجاد أنظمة دراسية مساندة لهذا النظام، بل وفي بعض الأحيان بديلة له، ومنها الأعداد المتزايدة من خريجي المرحلة الثانوية العامة، وارتفاع مصاريف التعليم الجامعي، ومحدودية الأماكن المتاحة للطلبة داخل الجامعات، وحاجة الطالب للعمل في معظم الأحيان أثناء دراسته الجامعية، وصعوبة فتح جامعات في المناطق المختلفة، خاصة في الدول ذات المساحات الكبيرة، وظهور فيروس كورونا الذي أحدث تغييرات جذرية في سلوكيات البشر العملية والاجتماعية على كوكب الأرض، من أهم هذه التغييرات ما يسمى بـ«التباعد الاجتماعي»، الذي أدى إلى سلوكيات وأساليب جديدة للعمل، والتعليم، والتسوق، والتواصل بين الناس.

أنظمة تعليمية مساندة للانتظام

لفت أبو النجا إلى أنه من بين الأنظمة الدراسية المساندة أو البديلة لنظام «الانتظام»:

1. نظام «التعلم عن بعد» (Distance Learning): حيث يتم بث المحاضرات للطلبة عبر شبكة الإنترنت، وبذلك يمكن هذا النظام الطالب «ولو نظرياً» من الالتحاق بأي جامعة في العالم.

2. نظام «التعلم الإلكتروني» (E-Learning): حيث يستفيد هذا النظام من التطور السريع الذي تشهده تقنية المعلومات من الملتيميديا وشبكة الإنترنت والبرامج التعليمية، ووسائل الاتصالات.. إلخ.

3. نظام «التعلم المدمج» (Blended Learning): حيث يجمع هذا النوع من التعليم بين التقليدي (الانتظام) والتعلم عن بعد، وتعتمد الجامعة السعودية الإلكترونية هذا النظام في تقديم جميع برامجها الأكاديمية.

ويرى أبو النجا، أن تطبيق الجامعات الأنظمة الدراسية المساندة أو البديلة لنظام «الانتظام» حل لجميع أو معظم المشاكل والصعوبات التي يعاني منها نظام «الانتظام» مبينا أنه عندما يثار موضوع تقييم هذه الأنظمة دائما ما تختلف الآراء، فهناك المؤيد التأييد المطلق لاستخدام هذه الأنظمة كبديل لنظام «الانتظام»، وهناك المعارض بشدة لهذا الأنظمة، وأيضا هناك المؤيد لهذا النظام، ولكن بحيث يكون مكملا ومساندا لنظام «الانتظام» أي نظام «التعلم المدمج»).

الأنظمة الإلكترونية مكلفة

أوضح أبو النجا أن تطبيق هذه الأنظمة التعليمية في الجامعات مكلف للغاية، خاصة في بداية تطبيقه (البنية التحتية)، حيث الحاجة إلى:

1. خادمات شبكة (Servers) وأجهزة حاسب آلي ووسائل اتصالات.

2. برمجيات لعرض المعلومات.

3. نظم إدارة التعليم (Learning Management System)، مثل البلاكبورد (Blackboard).

4. إعداد المناهج بطرق تتناسب مع هذه الأنظمة التعليمية، حيث عادة ما يشارك في إعداد المناهج خبراء في طرق التدريس وتصميم صفحات الويب. وإتاحة هذه المناهج للطلبة (على شبكة الإنترنت على سبيل المثال).

طرق تطبيق التعليم الإلكتروني

أكد أبو النجا أن تطبيق الأنظمة التعليمية المساندة والبديلة في جامعات المملكة، ولكل جامعة مستقلة، سيكون مكلفا جدا لهذه الجامعات، منوها بأنه بدلاً من أن تطبق كل جامعة هذه الأنظمة منفصلة عن باقي الجامعات، بالإمكان تطبيق النظام باستخدام إحدى الطرق التالية:

1. الاكتفاء بتطبيق هذه الأنظمة بجامعة واحدة، بينما تقوم باقي الجامعات بتقديم المساندة لها، وذلك من خلال توفير الكوادر الأكاديمية والفنية، والمشاركة في إعداد المناهج الدراسية.

2. إنشاء جامعة جديدة تقدم جميع برامجها الأكاديمية عن طريق هذه الأنظمة، وتقوم باقي الجامعات بتقديم المساندة لها.

3. يوفر المركز الوطني للتعليم الإلكتروني البنية التحتية لهذه الأنظمة، وتقوم كل جامعة ترغب في تقديم برامج أكاديمية عن طريق هذه الأنظمة بالتنسيق مع المركز على كيفية وطرق الاستفادة من بنيته التحتية.

ويضيف «يمكن القول إن تبني أحد هذه الخيارات الثلاثة سوف يوفر على جامعاتنا المال والجهد، إضافة إلى زيادة فرص تبادل الخبرات بين جامعات المملكة، مما سوف ينعكس إيجاباً على الطلبة، خاصة أن عام 2020 ترك للقائمين على التعليم بالمملكة (بمرحلتيه العام والعالي) تجربة ثرية وبيانات هائلة تمكنهم من تقييم هذه الأنظمة التعليمية، وربما تطويرها بما يخدم العملية التعليمية».

رب ضارة نافعة

قال عميد الكلية الجامعية بالقنفذة الدكتور عمر الهزازي لـ«الوطن» إن التعليم الإلكتروني أو عن بعد ليس حديثا بل هو نمط موجود سابقا، لكنه كان محدودا، وزاد الاعتماد عليه خلال كورونا، فرب ضارة نافعة، وكأي وسيلة جديدة للتعليم يكثر معارضوها، ومع التغلب على الصعوبات يكثر مريدوها، خصوصا مع توفر الإنترنت والأساليب التقنية».

وشدد على ضرورة وضع ضوابط وسن لوائح لهذا النوع من التعليم تضبط إدارة سلوك المعلم والمتعلم مع توفير بيئة ثرية بالمعرفة لتحقيق التعلم الذاتي ودراسة أثره وفعاليته ونفعه للطلاب وحصر المشكلات والبحث عن حلول ناجعة لمعالجتها وعدم ترك الحلول للاجتهادات الشخصية».

بديل للتعليم الحضوري

يرى الهزازي أنه «مع انتهاء الجائحة فإن الحياة ستعود لطبيعتها، وسيعود التعليم حضوريا كما كان، ومع مشقته وكلفته إلا أنه أكثر نفعا للطلاب في تفاعلهم واكتسابهم لمهارات التعلم، غير أن التعليم الإلكتروني اليوم أضحى بأدواته وتقنياته يضاهي التعليم بالحضور أو يقاربه، خاصة بعد حل كثير من مشكلاته التقنية والمادية»، مشيدا بجهود وزارة التعليم ونجاحاتها في تكوين منصة تعليمية وما حفظته من أرواح الطلاب واستمرار العملية التعليمية، وما ذللته من صعاب ومعوقات وتجاوزته باعتمادها لآلية التعليم الإلكتروني الذي أضحى حلا بديلا لمشكلات التعليم الحضوري المادية والمعنوية».

الممازجة قابلة للتطبيق

أوضح التربوي، الإعلامي سعد إبراهيم المطرفي، أن «المجتمع عاش تجربته الإيجابية ثلاثة فصول دراسية، ويترقب أحد قرارين مع ترك الخيار للطالب والأسرة لاختيار أسلوب التعليم الملائم، إما عن بعد أو التعليم المدمج الذي يمازج بين الحضور الفعلي والتعليم الإلكتروني»، مشيرا إلى أن «وزارة التعليم ستتحرر من عبء المدارس المستأجرة حينما تقرر تحويلها إلى مدارس للتعليم عن بعد ابتداء من الصف الرابع الابتدائي، ومن يرغب الاستمرار فيها عليه أن يبقى في مدرسته على أن أداء الاختبارات سيكون حضوريا، والآليات وكيفية الإحلال والممازجة مسألة قابلة للتطبيق»، مستدركا أن الخوف على المرحلة البنائية (أولى وثانية وثالثة) وهو أمر غير مبرر، طالما هناك توسع أفقي سنوي في مدارس الطفولة المبكرة.

مبررات اعتماد الأنظمة المساندة والبديلة للانتظام

1. الأعداد المتزايدة من خريجي المرحلة الثانوية العامة.

2. ارتفاع مصاريف التعليم الجامعي.

3. محدودية الأماكن المتاحة للطلبة داخل الجامعات.

4. حاجة الطالب للعمل في معظم الأحيان أثناء دراسته الجامعية.

5. صعوبة فتح جامعات في المناطق المختلفة خاصة في الدول ذات المساحات الكبيرة.

6. ظهور فيروس كورونا والتغييرات التي أحدثها في سلوكيات البشر.

الأنظمة المساندة للانتظام

1. نظام «التعلم عن بعد»

(Distance Learning)

2. نظام «التعلم الإلكتروني»

(E-Learning)

3. نظام «التعلم المدمج»

(Blended Learning)

التعلم عن بعد

ـ عملية الفصل بين المتعلم والمعلم والكتاب في بيئة التعليم.

ـ نقل البيئة التقليدية للتعليم من جامعة أو مدرسة وغيره إلى بيئة متعددة ومنفصلة جغرافيا.

ـ ظاهرة حديثة للتعليم تطورت مع التطور التكنولوجي المتسارع في العالم.

ـ يهدف لإعطاء فرصة التعليم وتوفيرها لطلاب لا يستطيعون الحصول عليه في ظروف تقليدية.

ـ بدأت فكرته أواخر السبعينيات من القرن الماضي من قبل جامعات أوروبية وأمريكية.

ـ كان البريد العادي وسيلته الأمثل في البدايات.

ـ تم اللجوء فيه مع التطور التقني إلى شبكة الإنترنت.

خصائص التعلم عن بعد

ـ الفصل بشكل كامل بين الطالب والمدرس وبيئة التعليم والزملاء.

ـ وجود وسيلة اتصال تكنولوجية متطورة بين الطالب والمدرس.

ـ الاعتماد بشكل شبه كلي على الطالب نفسه في فهم واستيعاب المادة.

أهدافه

ـ رفع المستوى الثقافي والعلمي والفكري

ـ التغلب على مشكلة نقص الموظفين والمؤهلين في العملية التعليمية

ـ التغلب على مشكلة نقص الإمكانيات المادية للتعليم

ـ توفير مصادر تعليمية متعددة ومتنوعة تلغي الفروق الفردية بين المتعلمين