يخضع الإنسان لقانون حقيقي اسمه «التطور»، فالتطور قيمة بشرية واجتماعية واقتصادية بل وكونية، وهذا القانون عندما يغيب عن ذهن الإنسان، فإنه سيصبح جاهلاً بأهم قوانين الحياة، وسيكون معرضاً لوابل من الإخفاقات والمعاناة المتكررة في حياته.

عندما تظهر مشكلة لأي فرد، فإن هذه المشكلة تحمل رسالة من قانون «التطور»، مفادها أن هذا الفرد أمام اختبار للانتقال من مرحلة إلى مرحلة جديدة، من قدر من الوعي إلى قدر جديد من الوعي، وبالتالي يتحكم في المسألة من الانتقال والتطور، طريقة التعامل مع المشكلة التي يواجهها، فإذا تعامل معها بالطريقة الصحيحة والسليمة، ولم يتهرب منها، ولم يلق بمسؤوليتها على الآخرين، سيكون مستعداً حينها للتطور والانتقال للمرحلة الجديدة الأخرى، والتي ستتطلب نوعية من المشكلات – بعد مرور الزمن - مختلفة وجديدة عن سابقاتها، وهكذا تتقدم الحياة.

لذلك متى ما ظهرت في حياتك مشكلة، دائماً ما يتكرر ظهورها بين الحين والآخر، فتأكد أنك لم تفهم الرسالة، ولا تزال غير مستحق للتطور في مجال هذه المشكلة التي تواجهها دائماً. إذا وجدت نفسك – على سبيل المثال – تخرج من مشكلة انفصال وطلاق، ثم تجد نفسك في علاقة زوجية جديدة، وبعد مرور فترة من الزمن تواجه شبح الطلاق مرة أخرى، فاعلم أنك لم تفهم الرسالة الأولى، ولم تستحق بعد الانتقال لمرحلة جديدة من التطور في حياتك.

هذا ينطبق على كثير من مشكلات حياتنا. تأتي المشاكل لتعلمنا شيئا ما، ولتضيف لنا خبرة جديدة، فلا نتعلم الدرس ولا نفهم الرسالة. تأتي المشكلة لنكتسب معرفة ومهارات جديدة في العلاقات وفي الصداقات، وفي العمل وفي الأمور المالية، أيا كان نوع المشكلة، فالهدف ببساطة هو تحقيق التطور. إن الموضوع – إذا جاز لنا التشبيه- أشبه بالألعاب الإلكترونية المختلفة اليوم، إنها تقوم على فكرة واحدة، وهي التطور والانتقال من مرحلة في اللعبة إلى مرحلة متقدمة، ومن أجل الانتقال بين مراحل اللعبة لابد أن تمر بمشكلات وتحديات، وأن تنجح فيها وتتخطاها، بحيث ترشحك لدخول المراحل المتقدمة، أو سيتكرر ظهور المشكلة والتحدي عليك في كل مرة، حتى تتمكن من تجاوزها بشكل حقيقي ونهائي.

الحياة وفق قانون التطور قريبة جداً من ذلك التصور، الذى تقوم عليه تلك الألعاب. عن نفسي لا أستغرب شخصياً، إذا رأيت شخصاً يواجه مشكلة مالية وديونا يستعصي عليه سدادها، وما إن يأتيه الفرج ويخرج من الضائقة، التي عاشها ويحلف الأيمان المغلظة ألا يعود للدين مرة أخرى. حتى تجده يقع في المشكلة ذاتها، وتراه في قضية دين جديدة!!

إن أحد العوامل المهمة ليتمكن الإنسان من النجاح، في قانون التطور في حياته، وتحقيق قفزات نوعية في مستوى الوعي والمعرفة، والوفرة والصحة والنجاح. أن يكون دائماً على استعداد بالاعتراف، بأنه ربما عاش سنوات طويلة بأفكار خاطئة ومعرقلة لحياته، وأن يكون لديه استعداد كامل لنسف معتقدات وآراء وأفكار، عاش عليها فترة طويلة من الزمن، دون ممانعة أو تردد أو خوف. عند ذلك يمكن أن يكون الفرد جاهزاً للتطور والانتقال نقلات نوعية، في الوعي والسلوك والنتائج، لأن من المعلوم أن ما يعرقل التطور دائماً هو الجمود، أو المحاولات اليائسة لمواجهة مشكلات اليوم بأدوات الأمس. من المهم جداً أن نتذكر دائماً، أن كل مشكلة تظهر لنا بشكل متكرر، هي رسالة واضحة لأنفسنا، بأننا في داخل اللاوعي لا نرغب التغيير، ولا نريد أن نتعلم كيف نكون أشخاصا جديدين وجديرين بالحياة.