التمويل الحكومي أو شبه الحكومي للسينما لدينا يتم على استحياء, وبصمت. لم أصدق وأنا أشاهد شارة فيلم Arabia والمتاح على موقع Netflix أن فيلماً على أحد أكبر وأهم مواقع الأفلام الإلكترونية يكون بتعاون سعودي عن طريق مركز الملك فيصل مع مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية. وبهذا التعاون والدعم تم إنتاج هذا الفيلم الذي كتب قصته الصحافي والمؤلف الشهير روبرت ليسي. والأهم من هذا هو البطل ومن ساعد في الإخراج الشاب السعودي حمزة جمجوم.

هناك مبدعون سعوديون تجاوزوا مسألة عدم وجود معاهد وأكاديميات لتعليم السينما, واتجهوا لمدرسة Youtube الافتراضية المجانية, كل ما يحتاجه الأمر معدات تصوير ومحاولات إخراجية لإنتاج فيلم متواضع, يتم نقده ويخرج بفيلم أفضل حتى يصل إلى مرحلة الإبداع الكامل. ولكن الجهات ذات العلاقة حين تريد أن تمول عملاً تلفزيونياً أو سينمائياً على أعلى المستويات, فإنها تدفع الغالي والرخيص لذلك.

لا نلقي باللوم على نجدت أنزور أو غيره ممن أنتجوا أفلاماً عن السعودية سلباً أو إيجاباً, بل يجب أن نلوم من قام بتشويه مفهوم السينما لدينا, ومحاولة تنفير الناس منها على أنها أساس للإفساد. استخدام الأداة نفسها للرد يعني القدرة على فعل الشيء نفسه, ولأن الجميع يبرعون في إنتاج الأفلام السينمائية المسيئة لنا - حسب منظور البعض - فإن الأداة المناسبة هي السينما, والشاشة, وليست البيانات والخطابات فقط.

يقول الفنان مشعل المطيري في لقاء تلفزيوني: إن معهد المسرح في جامعة الملك سعود كان نواة لاكتشاف مواهب معروفة في الوسط الفني السعودي, ويتألم لإغلاقه.. المسرح أيضاً؟

الفنون رسالة, وإذا كان لدينا ما نريد أن نعبر لعشاق الفن عنه ونوصل عبره الرسائل، فإن الفنون المختلفة هي أنبل الطرق وأكثرها سلمية.

بقدرات السعوديين الحالية ومنافستهم للعرب بمحاولات فردية في مجال السينما, قد نرى في المستقبل القريب أكثر من فيلم بتمويل سعودي, وتصبح خيارات عشاق السينما العربية على Netflix كثيرة و"تخزي العين"!