الغريب هنا أنه صدر له الحكم بشكل قطعي في 1442/06/06، ولم ينفذ بشكل كامل إلا بعد قرابة 3 أشهر، وببساطة لأن هناك أناسا تعتقد أن مديح مديرهم لهم أهم من حياة الإنسان قياسا على حياة هذا الوافد، فقبل أن تصل القضية للمحكمة، فقد ذهب «فاعل خير» لهذه الشركة الكبرى، وأبلغهم، وبتوثيق مقاطع فيديو لمكفولهم، بأنه في حالة يرثى لها، ولا يريد سوى 2000 ريال لشراء تذكرة يعود بها إلى أهله، فلو تعامل المسؤولون في الشركة بمشاعر لمدة دقائق لما تأخر هذا الوافد 5 أشهر، وفي النهاية اضطرت هذه الشركة لخسارة ما يزيد على 27.000 ريال، ما بين رواتب وقيمة تذاكر ورسوم تجديد إقامة وإصدار رخصة عمل وغيرها، ناهيك عن إيقاف التعاملات عنها، فلو حضرت المشاعر من الدقائق الأولى لكان المبلغ 2000 ريال، والوافد يربي ابنه (ابراهيم) منذ 5 أشهر، وليس من الخميس الماضي.
أما مكتب العمل، فبسبب أن مديره لم تكن لديه مشاعر ليلغي بلاغ الهروب، لاستكمال الحكم القضائي، وكانت طلباته «فزلكية»، وفي تلك الأيام أصيب بـ«كورونا»، وكأن مشاعره في الحظر بدأت تحضر، ليشعر كيف يعيش هذا المشرد بعيدا عن عائلته بسبب «بيروقراطيته»، فقد عاد هذا المدير، وقام بإلغاء بلاغ الهروب في دقائق وبلا شرط أو قيد، وهو الذي قد أخر هذا الإجراء من دقائق إلى ثلاثة أسابيع بسبب انعدام مشاعره في فترة ما.
وبعد تأدية هذا الوافد العمرة والزيارة، وفي الصالة الشمالية من مطار الملك عبدالعزيز بجدة، ولأنه لا يعرف العربية أو الإنجليزية، فقد كاد يفقد رحلته بسبب موظف لديه متلازمة «نقص المشاعر»، حيث قال له: نحتاج نسخة من فحص الـPCR، لتبدأ رحلة بحثه عن آلة تصوير ولم يجدها، لأن نقص مشاعر بعض مسؤولي تلك الصالة لم يجعلهم يفكرون في إحضار آلة تصوير، وجلب أحد العمالة ليعمل عليها مقابل حتى لو 5 ريالات للورقة، لأنها أوفر من يخرج هذا العامل وغيره، ليعود مجددا لمدينة جدة من أجل تصوير ورقة، ومن ثم يعود وقد خسر فلوسه ووقته، وربما حتى رحلته بسبب متلازمة «انعدام المشاعر».
على الرغم مما توليه حكومتنا الرشيدة لدعم الإنسانية بكل أشكالها في مشارق الأرض ومغاربها، فإنه يأتي من يشوه صورتها في الداخل بتفاصيل قد يراها بسيطة، ولكنها قد تجعل هذا الوافد وغيره يصبح فريسة سهلة لاستخدامه في تنفيذ عمليات إرهابية أو عمليات جريمة منظمة أو نشر المخدرات بسبب أنه يعتقد أن الحكومة هي من أمرت هؤلاء بأن يكونوا «عديمي المشاعر»، فقد نخدم هذا البلد ونحميه بـ«شوية مشاعر يا ناس».