قبل سنوات لم يكن الأمر يستدعي سوى «ضغطة زر» حتى تعزل الأسرة أبناءها عن العالم الخارجي، وتضع حدا لتفاعلهم مع وسائل الإعلام المختلفة في ذلك الوقت.

لكننا الآن نعيش وسط ثورة تكنولوجية، يسارع فيها الجميع نحو مواكبة المستجدات، ويغيب فيها الدور المثالي للأسرة سابقا. لقد ظهرت العديد من المفاهيم ولعل من أكثرها أهمية ما يسمى بالمواطنة الرقمية.

فبعد أن كانت المواطنة أمراً يؤرق الفرد على حده، اتسع نطاقها وأصبحت محوراً هاماً ذي أبعاد عالمية. حيث وجد له مكانة في القطاعات كافة وأولها الميدان التعليمي، لم تكن الحاجة لتطبيق هذا المفهوم بهذا العمق كما هي عليه الآن.

ولا يخفى على الجميع النقلة النوعية للتعليم في زمن الكورونا، بين بيئة تعليمية يدعم أطرافها بعضهم البعض بشكل مباشر، إلى بيئة إلكترونية تغيرت فيها الأدوار وتنوعت طرق التعليم والتعلم.

خاض العالم بأكمله دورة تدريبية واسعة النطاق تتجدد مهاراتها كل يوم بين تعزيز التواصل الإلكتروني ومهارات استخدام التقنية، وزرع الكثير من القيم، لتتكون بصمة رقمية نكتب من خلالها التاريخ وتجسد واقعاً تقنياً أجمل.

ويبقى السؤال: كيف يمكن توطين هذه المهارات وتثبيت قيمها أمام التحديات التي يفرضها المستقبل الرقمي؟ .

وحتى نصل إلى بر الأمان علينا أن ندرك قيم المواطنة، ونسعى لتكييف الواقع مع الرقمنة ومتغيراتها في سبيل تحقيق تنمية ثقافية يمتد أثرها لتطوير المقررات الدراسية، واستغلال الفرص بشكل أكبر في فضاء التعليم الإلكتروني، لقد أفرزت الثقافة الرقمية جيلاً يتميز بحب التقنية، وآخر اضطر رغماً عنه للهجرة إلى هذا العالم بحكم المتغيرات.

ومن هنا نقول إننا بحاجة إلى تجديد نمط الحياة الرقمية، وهو ما يعرف حاليًا بالنموذج الجديد للمواطنة الرقمية، الذي يؤكد أن المتعلمين الرقميين هم الذين يستخدمون قوتهم الإلكترونية بنوع من الإخلاص والمعرفة.

إنها ليست مجرد أداة تعليمية، لكنها وسيلة لإعداد جيل مستخدم واع، يعرف تماما كيف ومتى ولماذا تُستخدم التقنية؟.

وبما أن مؤسسات التعليم هي المسؤول الأول عن وضع أسس المواطنة وإعداد الأفراد تربويًا واجتماعيًا، فقد بات لزامًا عليها القيام بدورها الحيوي في إمداد المتعلمين بالقيم والسلوكيات والمعلومات الصحيحة، وهذا ما تسعى إليه الرؤية الطموحة 2030، ويتم تنفيذه على أرض الواقع فعليا. لنؤكد للجميع أن «المواطنة الرقمية ضرورة وليست شعارا».