بيوت الله في أرضه (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) وهي محل عباداتنا نحن المسلمين، وفي أزمان مضت كانت المساجد هي مدارسنا ومراكز تعليمنا، وللمساجد مكانة عظيمة في الإسلام؛ حيث حرص الدين الإسلامي على الاهتمام والعناية بها، وهذا ما أشارت إليه الكثير من آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة.

وتظهر مكانة المساجد من خلال أفعال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فعندما وصل إلى حي بني عمرو بن عوف في قباء لم يستقر فيه حتى بنى مسجد قباء، وهو أول مسجد بُني لجميع الناس في المدينة المنورة، كما خصص نبينا الكريم أرضا لبناء مسجده النبوي في قلب المدينة.

ومن هذا المنطلق أدرك الصحابة الكرام اهتمام النبي بالمساجد، فاعتنى الخلفاء الراشدون بها، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى ولاته ببناء مسجد جامع في مقر الإمارة، وأمر القبائل والقرى ببناء مساجد جامعة في أماكنهم.

ومساجدنا تجد العناية الكبيرة من لدن حكومتنا الرشيدة، أعزها الله، وقد أنشأت من أجل خدمتها والعناية بها وزارة مختصة بالمساجد (وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد) التي آلت قيادتها اليوم للدكتور عبداللطيف آل الشيخ وفقه الله.

ومن اختصاصات الوزارة صيانة المساجد والعناية بها، من حيث إنارتها وتوفير مياه الوضوء وفرش أرضيتها، لتمكين المصلين من أداء صلواتهم براحة وخشوع.

وكانت المساجد في سنوات مضت تفرش بالحصباء أو ما يسمى الخرسان، وهذا غير مريح للمصلي لقساوته، ثم تطور الأمر إلى فرشها بما يسمى (المداد - جمع مدة) مكونة من سيقان نبات (الإسل)، وهذا نبات كان متوافرا بمنطقة الأحساء لتوفر المياه السطحية، إلى أن وصلت الأمور للنقلة الحديثة التي تمثلت بتبليط أرضية المساجد المبنية بالمسلح، وفرشها بما يسمى البسط - جمع بساط - وقطع الزوالي، إلى أن وصلت مفروشات الموكيت السادة وأخيرا المشجرة، وتحديد مواقف الرجال عليها أثناء أداء الصلاة بلون يختلف عن باقي الموكيت، لتتعدل الصفوف.

وكانت العناية بالمساجد قبل وجود الوزارة أي ما قبل التبليط والموكيت، تقتصر على الإنارة وتوفير ماء الوضوء وقرب ماء للشرب أيام الصيف ورمضان، والتي تطورت إلى البرادات اليوم، أما الإنارة فمساجدنا حظيت بالإنارة منذ وجدت أجهزة الإنارة في البداية، تحت رعاية حكومتنا الرشيدة مجانا، ولما تأسست شركة الكهرباء تولت الأمر حسب أنظمتها. وفي كل عام ترصد الوزارة مئات الملايين لصيانة المساجد، إلى جانب عمارتها وترميمها، إذ أنها تلاحق امتداد المدن، فمثلا مدينة الرياض فيما قبل السبعينات الهجرية، كانت مساجدها تعد على الأصابع، واليوم وصل عدد مساجد منطقة الرياض إلى 18.073 جامعا ومسجدا، ووصل عدد المساجد والجوامع في مختلف مناطق المملكة إلى 98.800 مسجد وجامع، حسب الإحصاء السنوي لعام 2017.

والذي لفت نظري بصفتي مؤذنا، أن شركة الصيانة التي كانت تعمل خلال الأعوام الماضية، انتهى عقدها منذ فترة، وأصبح كل مسؤول عن صيانة مسجده أو جامعه، وهذا من طبيعتنا بهذا الوطن، حبا لفعل الخير، والذي يبدو أن الوزارة ومع انشغالها بوباء كورونا-19 تأخذ نفسا لترى الأنسب لصيانة المساجد والجوامع، غير أني أطرح هذا المقترح المتمثل بإعادة إدارة المتعاقدين كما كان الأمر سابقا، لتتولى التعاقد مع عمالة تختص بحراسة المساجد ونظافتها وفتح أبوابها وأنوارها وغلقها، والعناية بدورات المياه.

ومن خلال هذه المقترح أتوقع الوفر سيكون كثيرا عما كانت تدفعه الوزارة لشركات الصيانة، فلعل الشيخ عبداللطيف وزير الشؤون الإسلامية يوجه بدراسة هذا الموضوع والله الموفق.