مع بداية شهر مارس حققت الأسهم السعودية ارتفاعًا كبيرًا بأعلى معدلات في منطقة الخليج، متتبعة ارتفاع أسعار النفط بعد أن صدمت أوبك بلس الأسواق بقرار إبقاء الإمدادات تحت السيطرة، وشهدت أسهم شركة أرامكو عملاق النفط السعودي أكبر مكاسب في ستة أشهر.

قادت مكاسب أسواق تداول الأسهم السعودية شركة أرامكو ومصرف الراجحي والسعودية للصناعات الأساسية، كما ارتفعت الأسهم في الكويت وعمان والبحرين.

يمثل قرار أوبك بلس انتصارا للحكومة السعودية التي دعت إلى تشديد القيود لدعم الأسعار،لتقفز أسعار النفط إلى 69.36 دولار للبرميل في (7 مارس) وهو أعلى مستوى منذ مايو 2019 عقب قرارات أوبك، وقام بنكجولدمان ساكس برفع توقعاته لأسعار النفط في الربعين الثاني والثالث لخام برنت إلى 75 دولار و 80 دولار للبرميل على التوالي.

وانتعشت أسعار الخام منذ أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا وحلفاؤها المعروفون باسم أوبك بلس في اجتماعها الأخير على الالتزام على نطاق واسع بتخفيضات الإنتاج على الرغم من ارتفاع أسعار الخام.

خلال الأشهر القليلة الماضية استطاعت أسعار النفط تحقيق ارتفاعات كبيرة لتعود مرة أخرى إلى مستويات ما قبل الجائحة، التي تسببت في انهيار الأسعار حيث وصل خام برنت إلى أقل من 20 دولار للبرميل وهبط خام غرب تكساس إلى المنطقة السلبية للمرة الأولي في تاريخه في شهر أبريل 2020، وخلال فترة قصيرة تمكنت الأسعار من العودة مرة أخرى وبأقوى مما سبق متخطية مستوى 70 دولار للبرميل.

يعود هذا الزخم الصعودي في الوقت الذي تصمم فيها السعودية علي تقليص مستويات الإنتاج بقوة لدعم الأسعار وإعادة التوازن للسوق، على الرغم من انتعاش مستويات الطلب العالمية مع بدء عودة الحياة الطبيعية في الكثير من الدول في ظل تكثيف عمليات التطعيم.

أرامكو تتصدر الأسهم السعودية بدعم من أسعار النفط

ارتفعت أسهم شركة أرامكو السعودية بما يصل إلى 2.3% وهو أكبر ارتفاع منذ 2 سبتمبر، قال "بنك أوف أمريكا" إن أكبر شركة نفط في العالم في وضع فريد لتلبية الطلب المحتمل على النفط، ويمكن أن تدر ما يقرب من 100 مليار دولار كتدفقات نقدية العام المقبل.

وكتب المحللون أن توزيعات الأرباح المرتفعة ممكنة أيضًا بسبب ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج،إضافة إلى الشعور الإيجابي، قالت المملكة العربية السعودية إنها ستخفف بعض القيود المتعلقة بفيروس كورونا اعتبارًا من يوم الأحد (7 مارس) مع استقرار الحالات الجديدة في المملكة، حيث يمكن استئناف تناول الطعام في الأماكن المغلقة في المطاعم، بينما سيسمح بإعادة فتح دور السينما وصالات الألعاب الرياضية والمراكز الرياضية.

أداء متباين لأسهم الطاقة العالمية

وعلي الصعيد العالمي، تباينت أسهم شركات الطاقة بين مرتفع إلى ثابت، مثقلة بالضعف المعتدل في السلع الأساسية بينما تتباين العقود الآجلة للمؤشر الأوسع، حتى بعد أن أقر مجلس الشيوخ فاتورة إغاثة كوفيد 19 بقيمة 1.9 تريليون دولار لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، كما أن عوائد السندات آخذة في الارتفاع الذي من شأنه أن يعزز الأسهم الدورية ذات القيمة مع إضافة المزيد من الضغط على قطاعات التكنولوجيا (أسهم النمو).

من جهة أخرى، عززت أسعار النفط الهجوم الصاروخي من قبل القوات الحوثية في اليمن على منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية التي تشمل منشأة أرامكو التي تعد مصدر حيوي لتصدير البترول، وقالت الرياض إنه لم تقع إصابات أو خسائر في الممتلكات.

تعهد أرامكو السعودية بتوزيع الأرباح صمد أمام انخفاض 44 % في الأرباح

قالت شركة أرامكو السعودية أنها ستفي بوعدها بتوزيع أرباح بقيمة 75 مليار دولار للمساهمين، حتى مع انخفاض الأرباح إلى النصف، بعد عام تكبدت فيه صناعة النفط خسائر كبير حيث هز فيروس كورونا الاقتصادات في جميع أنحاء العالم والتي أدت إلى انهيار أسعار النفط.

وقالت أكبر شركة نفط في العالم إن صافي الدخل تراجع إلى 185 مليار ريال بانخفاض 44% مقارنة بالعام السابق.

في مواجهة تضاؤل التدفقات النقدية، تحمل عملاق صناعة النفط السعودي الشركة المزيد من الديون في الأشهر الـ 12 الماضية لمواصلة توزيع الأرباح، في عام 2019 وعد المسؤولون التنفيذيون بدفع 75 مليار دولار سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة.

قال الرئيس التنفيذي للشركة "أمين ناصر" إنه لا توجد نية لزيادة توزيعات الأرباح مما تم التعهد به، في إشارة إلى الحذر بشأن أسواق النفط العالمية في مواجهة استمرار حالة عدم اليقين بشأن الوباء.

وصف ناصر العام الماضي بأنه "عام صعب"، فقد شهدت أرامكو انخفاض متوسط إنتاجها من الخام إلى 9.2 مليون برميل يوميًا خلال عام 2020، وهو أدنى مستوى منذ عام 2011.

لم تكن أرامكو هي الشركة الوحيدة المتضررة بل انعكس التأثير على شركات النفط الكبرى في جميع أنحاء الصناعة الأوسع،فقد شهدت شركة Royal Dutch Shell تراجعًا في الأرباح إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين، وسجلت شركة Exxon Mobil أول خسارة سنوية لها على الإطلاق.

ومع ذلك، كان الرئيس التنفيذي متفائلاً من أن الوباء يمكن أن يهدأ في النصف الأخير من العام، قائلًا نحن متفائلون للغاية بشأن 2021 من حيث النمو في الطلب خاصة في النصف الثاني، وأضاف ناصر أن الصين أيضًا قريبة جدًا من مستويات ما قبل الوباء، لذلك في آسيا وشرق آسيا على وجه الخصوصهناك انتعاش قوي في الطلب.

على الرغم من أن التعافي في أوروبا والولايات المتحدة كان أبطأ، إلا أنه توقع عودة استخدام النفط العالمي إلى مستويات ما قبل الفيروس تقريبًا البالغة تسعة ملايين برميل يوميًا بحلول نهاية هذا العام حيث تستمر الحكومات في إعطاء التطعيمات ضد فيروس كورونا بوتيرة سريعة.

كما أعلن ناصر عن خطط لتوسيع وتكثيف العمل مع الصين للبحث عن الهيدروجين الأزرق والأمونيا والوقود الصناعي واستخدام وتخزين الكربون، وقال في حديثه في منتدى التنمية الصيني في بكين أن هناك العديد من الأمور الضرورية لتحقيق طموحاتنا طويلة الأجل منخفضة الكربون.

على الرغم من النبرة المتفائلة بشأن المستقبل بعد الوباء من قيل الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، إلا أن هناك المزيد من القلق بشأن زيادة هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على منشآت أرامكو، والتي أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن مسؤوليتها عن معظمها.

ووقعت آخر هذه الهجمات صباح الجمعة (19 مارس) عندما هاجمت ست طائرات مسيرة مصفاة بقدرة 120 ألف برميل يوميا في العاصمة الرياض مما تسبب في اندلاع حريق، وقالت وزارة الطاقة إن الهجوم الجوي لم يتسبب في وقوع أي إصابات ولم يعطل إمدادات النفط أو المشتقات النفطية.

وقال ناصر أننا نُظهر استعدادنا ومرونتنا في كل مرة نتعرض فيها للهجوم، مضيفًا أن هناك جهودًا متواصلة لحماية العمليات.

مخاوف بشأن سوق النفط

في غضون ذلك، رسخت المخاوف بشأن الطلب الأوروبي على النفط في السوق، خاصة بعد أن أوقف عدد من الدول الأوروبية مؤقتًا استخدام لقاح أكسفورد أسترا زينيكا، وتتزايد المخاوف في السوق بشأن التعافي العالمي غير المتكافئ في الطلب، في إشارة إلى ضعف الطلب من أوروبا على الرغم من ارتفاع الطلب من دول مثل الصين والهند والولايات المتحدة.

في المقابل، هناك مخاوف أيضًا حيال زيادة المعروض التي قد تُلقي بثقلها على السوق خاصة مع ارتفاع الصادرات من إيران، على الرغم من تخفيضات حصص إنتاج أوبك بلس.

لا يزال من المحتمل أن يتم وضع سقفًا للأسعار على المدى القريب، خاصة مع الاشاعات التي تفيد بأن الصين تشتري ما يقرب من مليون برميل في اليوم من الخام الإيراني الخاضع للعقوبات بأسعار مخفضة، مما يؤدي إلى إزاحة النفط من مورديه المعتادين وتعقيد جهود أوبك بلس لتضييق الإمدادات وتسريع سحب المعروض لخفض المخزونات العالمية.

مادة إعلانية