يأتي إطلاق برنامج «شريك» كترجمة عملية لرؤية 2030 في إستراتيجيتها التنموية، وكتدشين لحقبة جديدة قوية من التنظيم والتعاون، والشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، بهدف بناء قطاع خاص حيوي ومزدهر، كإحدى الأولويات الوطنية المستهدفة، وفي ذلك تأكيد لدور القطاع الخاص كشريك أساسي للقطاع العام، وتوجيه لأهميته في تعزيز ازدهار اقتصادنا الوطني، ومسؤوليته نحو تطوير مخرجاته الاستثمارية، بما يحقق نموا اقتصاديا مستداما، ويخدم مستهدفاتنا نحو تنويع القاعدة الاقتصادية المنتجة، ورفع نسبة مساهمة الإنتاج المحلي في الدخل الوطني، علاوة على دعم توفير مئات الآلاف من الوظائف الجديدة.

يهدف البرنامج التشاركي المبتكر إلى مساعدة شركات القطاع الخاص، على تحقيق أهدافها الاستثمارية في الوطن، ودفعها لتسريع ضخ استثمارات تُقدَّر قيمتها بنحو 5 تريليونات ريال، في الاقتصاد المحلي حتى عام 2030، وبما ينعكس على زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وصولاً إلى تحقيق الهدف المرسوم له ضمن مستهدفات رؤية المملكة، والتي تسعى لرفع مساهمة هذا القطاع إلى 65% بحلول 2030، وبما يسهم في مواصلة تقدم الاقتصاد السعودي، بين أكبر الاقتصادات العالمية، ليتخطى المركز الثامن عشر الحالي، إلى المركز الخامس عشر قريباً، علاوة على دوره في تعزيز الثقة بمنظومة الاستثمار في المملكة.

جرى تصميم البرنامج «شريك»، بآلية ومحتوى يمكنه تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، كشريك أساسي في التنمية، وكمسؤول وطني عن توجيه الاستثمار نحو مقدرات الوطن، وبالاستفادة من إمكاناته المتاحة، باعتبار أن هذا القطاع يُعد جزءاً من خطة النمو الاقتصادي المأمول، ومرتكزاً في الاستراتيجية الوطنية المستهدفة للاستثمار في المملكة، وعليه فإن البرنامج سيزيد من مرونة الشركات السعودية الكبرى، ويحفز تنافسيتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وسيُسهم في مساعدتها على التعافي من آثار جائحة «كوفيد - 19» كما أن البرنامج سيعزز من مكانة المملكة اقتصادياً، بوصفها دولة مُمكّنِة للأعمال ولبيئتها الداعمة للعاملين، خلال خطوات استباقية مبتكرة، ذكية وفريدة من نوعها في المنطقة، وعليه ستكون اتفاقيات الشركات الكبرى في إطار برنامج «شريك» البداية النموذجية، لذلك التعاون المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص.

يعتمد نجاح التعاون المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص، على عدد من المرتكزات الأساسية التي تنظم العلاقة بين الطرفين، سواء باللوائح والتشريعات المنظمة للأداء، أو بالحوافز الممنوحة ومستوى الجودة المطلوبة، علاوة على أهمية توجيه عملية الاستثمار نحو تحقيق متطلباتنا الصناعية والتقنية، ودعم تسويق المنتجات محلياً ثم دولياً، إذ يعتبر السوق الوطني هو المستهلك الأول لبعض المنتجات، للحد من الواردات منها، والذي يقتضي جودتها والقدرة على المنافسة المحلية والدولية، بالإضافة إلى ما يحتاجه البرنامج من إجراءات تُسهم في تيسير دعم المشاركة بين القطاعات المعنية بالاستثمار، كالتجارة والصناعة والطاقة والاتصالات والزراعة، والتوظيف والتمويل وغيرها، علاوة على تحفيز إجراءات الاستيراد والتصدير وحمايتها للصالح الوطني، وبما يمنحها الأفضلية في العروض المقدمة، لتموين القطاعات المختلفة بالمشتريات والاحتياجات المتعددة.

لا شك أن برنامج «شريك» سيوفر مئات الآلاف من الوظائف المطلوبة، لتنفيذ تلك المشروعات الكبيرة، والتي ستتطلب مختلف المهارات الوظيفية والمؤهلات العلمية، المتفاوتة في تخصصاتها وفي مستواها التعليمي، والأمل معقود في احتواء كافة مخرجاتنا العلمية بمختلف المستويات والتخصصات، في تلك المشروعات الوطنية لتدريبهم وتوظيفهم، ليكونوا هم القيادات الُمشغِّلة لتلك المشروعات، والقائمين على إدارتها والفاعلين الحقيقيين في توجيه دفتها، بما يخدم استراتيجيتنا الوطنية ورؤية 2030، نحو زيادة نسبة التوظيف للمواطنين في فرص العمل المستجدة والمستحدثة، وفي توطين الوظائف الكثيرة التي يستحوذ عليها غير المواطن لسنوات طويلة، والذي أسهم في انخفاض نسبة مشاركة المواطن في سوق العمل الوطني إلى 51.2% بينما يشارك غير المواطن بنسبة 74.5%، وذلك مع الأخذ في الاعتبار بأن مصطلح «المشاركة في القوى العاملة»، يمثل قوة العمل المتاحة للفئة العمرية 15 سنة فأكثر من -المتعطلين والمشتغلين-أما المشتغلون السعوديون فلا يشكلون من تلك النسبة في القوى العاملة المشتغلة، في جميع القطاعات إلا نسبة 33%، بينما يستحوذ الوافدون على نحو 66% من فرص العمل المتاحة في سوق العمل الوطني، وذلك لا يشمل بالطبع العمالة المنزلية، أما القطاع الخاص المعني بالاستثمار، فهو لا يحتوي على أكثر من 21.7% من السعوديين المواطنين، ضمن موارده البشرية، بينما يستأثر غير المواطن بنسبة 78.2%.

تستهدف جميع البرامج والمبادرات التنموية التي تطلقها القيادة، تحقيق رؤية 2030 من خلال بناء مشروعات واستثمارات وطنية، تسهم في بناء السعودية الجديدة بتطلعاتها المأمولة، وبما يليق بما حققته السعودية من منجزات اقتصادية وسياسية على جميع المستويات، وبما تمثله من مكانة عالمية مستحقة لجهودها الدولية والإقليمية، في التنمية وفي حفظ السلام والأمن العالميين.