في الوقت الذي تسعى فيه المرأة للتمكين، وفيما قطعت شوطا كبيرا في إثبات نفسها، بدا أن محاربة المرأة للمرأة تعد من أشد عوائق تمكينها، حسب تأكيدات عدد من الناشطين الذين حددوا 7 معوقات تعرقل هذا التمكين، سواء كامرأة عاملة، أو مستثمرة، أو طالبة، أو خريجة، أو مستفيدة من جهة خيرية، مشيرين كذلك إلى أن من بين تلك العوائق كذلك الجانب الرعوي، الذي يلزمها بالاعتماد الكامل على الرجل، وهو ما يسعى مختصون إلى تغييره، بحيث تتمكن من الانتقال من الرعوية إلى التمكين.

وحددت الناشطة بتمكين المرأة لمياء البراهيم، والمختص الاجتماعي فؤاد المشيخص لـ«الوطن» المشاكل التي تعيق تمكين المرأة، واتفقا على أن من بينها حالة التنافس غير الصحية بين النساء، والتي تظهر بشكل محاربة المرأة للمرأة، وكذلك تعارض فرصها في التمكين مع واجباتها الأسرية، وعدم مقدرتها على استثمار مواهبها، ومشاكل تدريب الخريجات، وتوجيه المرأة مهنيا وتعليميا منذ المرحلة الثانوية.

إلغاء العداء

أشارت عضو جمعية نساء المستقبل الأهلية الدكتورة لمياء البراهيم، إلى أن تمكين المرأة يعيقه أن المرأة عدوة المرأة، وقالت «التمكين يعني أن نتعاضد مع بعضنا، ونتنافس بما ينفع وطننا، ولكن ما يحصل أن المشاكل تدور حول التنافسية وهذه الأمور، ومن المهم أن تتم تربية المرأة عليها، فالآن توجد فرص كثيرة لم تكن متاحة سابقا للمرأة، يفترض لها أن تلغي الفكرة السابقة التي سادت عن التنافسية، وهو جزء من الجانب الذي نعمل عليه لتغيير نمطية التفكير من خلال تطوير فكر المرأة ببرامج تقويها من الداخل وتعزز جانبها النفسي، إضافة إلى مشكلة تعارض الفرص الوظيفية المتاحة لتمكين المرأة مع الواجبات الأسرية والعائلية سواء من خلال عدم تقبل عملها في هذا المجال أو التزاماتها الأسرية، فكنا نعنى بهذا الجانب».

وأضافت «هناك أيضا مشكلة عدم مقدرة المرأة على استثمار موهبتها، فهناك نساء موهوبات ولديهن القدرة والرغبة في العطاء، ولكن ليس لديهن إمكانية للاستفادة من مواهبهن، لذلك عملنا على برنامج يخدم هذه الفئة، بحيث تكون مشاريعها واقعية وتستفيد منها في تحسين دخلها، سواء كانت مستثمرة أو موظفة، كما أن هناك جهات لديها الرغبة في دعم المشاريع التي تدعم المرأة سواء من خلال توظيفهن أو الاستفادة من خبراتهن فنساعدهم على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب».

التركيز على احتياجات المرأة

ذكرت البراهيم أنه «على القطاع التطوعي أن يركز على احتياجات المرأة للتمكين الاستثماري، وهذا ما نحاول العمل عليه لنؤسس عملا تطوعيا خيريا تنمويا بنموذج معرفي واقتصادي شامل يركز على الاستثمار في الشخص نفسه من الناحية الفكرية، ويركز على تمكين المرأة بما لا يتعارض مع التزاماتها الأسرية، حتى يحدث نوع من التصالح دون أن تتصادم مع أحد ودون أن تتعرض لصراعات نفسية لأن صحتها العقلية والنفسية أيضا مهمة في التمكين، كما نعمل على تمكين الوظائف الملائمة للمرأة من خلال بحث ودراسة تمكين المرأة الحاصل، وهل خلق موازنة وربط بين كفاءتها والوظيفة المتاحة لها، وهل جميع النساء يحظين بفرص متساوية بشكل يشجع التنافسية».

وأشارت إلى أنه «من خلال البحث والدراسات التي عملنا عليها كانت هذه الفجوات موجودة بالفعل في سوق العمل، وبعد الاطلاع على الدراسات والأبحاث، وبعد الاطلاع على الوضع الراهن ومقارنته بالدول الأخرى التي سبقتنا، تم تحديد ماذا يحتاج الوطن بشكل كبير، وماذا تحتاج المرأة، وعلى هذا الأساس تم تأسيس جمعيتنا التي تسعى لتمكين المرأة من جميع النواحي».

مشاكل واقعية

حددت البراهيم المشاكل التي تعانيها المرأة في رحلة تمكينها، وقالت «من أبرزها هو غياب رغبتها الحقيقية في العمل والتمكين، فبعض النساء حين تتاح لهن الفرص لا يعملن، وهذه كانت إحدى المشاكل التي واجهناها، فالمرأة نفسها لا ترغب بالعمل، ولدينا نمط التفكير الرعوي حيث تعودت بعضهن على أن يكون هناك من يرعاها سواء أب أو زوج أو ابن، ويبرر لها بالجانب الشرعي في أن المرأة مكفولة من المهد إلى اللحد، وهو جانب لا يتعارض مطلقا مع عملها، لكن بعضهن تعودت أن تكون تحت الرعاية، وأصبحت وكأنها فاقدة للأهلية، على الرغم من أنها تستطيع أن تعمل وتنجز حتى لو لم تحقق الاستثمار المالي، ولكن تحقق الاستثمار المعرفي المتمثل في أن تكون إنسانة فاعلة في المجتمع، وليست مجرد إنسانة تنتظر الرعاية، وهذه المشكلة موجودة حقيقة لدى النساء».

قبل التعليم الجامعي

تضيف البراهيم «واجهتنا مشكلة عدم مقدرة الخريجات على التدريب، فعلى الرغم من وجود عدد من البرامج الحكومية التي تدعم تدريب الخريجين إلا أنها لا تغطي رغباتهم وطموحاتهم؛ كونها تستفيد منهم خلال فترة التدريب فقط، وليست عملا مستداما، وما نسعى له هو أن تكون لكل خريجة وظيفتها المناسبة، وأن تتدرب وتتأهل إلى سوق العمل لتستفيد من شهادتها، كما حاولنا أن نبدأ مع مشاكل التمكين من بدايتها، أي من طالبات المرحلة الثانوية اللواتي يمتلكن أحلاما كبيرة، لكنهن لا يعرفن طبيعة سوق العمل واحتياجاته، وما هو التخصص الذي يناسب كلا منهن، ويتوافق مع ميولها، وهنا نقدم لهن الإرشاد المهني والتعليمي، ونتعاضد معهن ونساعدهن حتى يخترن توجههن قبل أن يتجهن إلى الجامعة، كما نعمل على أي مشاريع نراها تخدم المرأة والمجتمع وتتماشى مع سياسات الدولة، ونحن لله الحمد نتوسع في مشاريعنا وشركاتنا».

وتابعت «هناك أمور كثيرة تعد من المعوقات لعمل المرأة، ومن الضرورة أن يكون هناك طرف ثالث وهو قطاع الجمعيات لنكون قريبين منها بشكل مباشر لنبحث عن المشكلة ونساهم في الأبحاث والدراسات ونضع الحلول التي يمكن من خلالها تجاوز المشكلة بالإمكانات التي أتاحتها الدولة للقطاع الثالث».

الانتقال من الرعوية للتمكين

يرى عضو الملتقى النفسي الاجتماعي في القطيف فؤاد المشيخص، أن الجمعيات الخيرية يفترض أن يكون لديها خطط متكاملة للطاقات، وأن توجهها نحو دعم المرأة المستفيدة للارتقاء بأن تكون لديها المقدرة على الاعتماد على نفسها ماليا، وهذا له علاقة بإدارة الجهة التطوعية.

وأضاف «كثير من الجهات الخيرية تعتمد الجانب الاستهلاكي وليس الاستثماري فيما يخص المستفيدات، لذلك نعيش فترات طويلة من العمل الاستهلاكي دون استثمار ودون تأهيل الأطراف المستفيدة للاعتماد على نفسها، ولتنخرط في المجتمع حتى تكون عنصرا فعالا، وإذا لم يكن معطاء فليكن على الأقل متعففا ومستكفيا بما يقوم به، وبدل أن تعمل الجهات التطوعية لخمس سنوات في دفع أموال إلى مستفيدة وضعها صعب هي وأبناؤها ينبغي أن تقوم بتأهيل المستفيدة ومن يستطيع من أبنائها وبناتها من أجل العمل بمهنة أو عمل معين لسد حاجتهم، وبالتالي تكون الجهات الخيرية هي جهات استثمارية للطاقات الموجودة للتمكين وليس استهلاكية».

وجود الرغبة في التمكين

يرى المشيخص أن رغبة التمكين يجب أن تكون من الطرفين، الجهة الخيرية، والمستفيدات، ويقول «أي جهة خيرية ينبغي أن يكون لديها خطة من أجل الاستفادة وبما يعكس البرنامج الذي تقوم به بالإنتاج عبر تأهيل المستفيدات، سواء كان هذا التأهيل عبر تأهيلهم عمليا، أو عبر فتح أبواب وآفاق موجودة يمكن من خلالها أن تكون عنصرا منتجا في المجتمع بدلا من أن تبقى استهلاكية محسوبة على الجهة التطوعية أو الخيرية».

وتابع «يفترض أن يكون لدى الجهة الخيرية معلومات كافية عن المستفيد سواء من حيث إمكانياته وقدراته وشهاداته حتى يكون لديها شراكات مع جهات أخرى تحتاج للمجهود الذي تبذله المستفيدة من أجل الوصول بهن إلى سد حاجاتهن بمجهودهن وليس عن طريق التبرعات».

وأشار إلى أن «الحالة الطبيعية للعمل الخيري تتمثل بأن يكون لدى تلك الجهات شراكات، وهذه الشراكات هي نوع من الأبواب التي تفتح للمستفيدة باب للعمل والعطاء والمهنة ولتحقيق نوع من الجانب المالي المستمر الذي يغنيها عن الجهة الخيرية التي تعتمد عليها، كما أن للمستفيدة دور في التمكين من خلال الاستعداد لتأهيل نفسها وتقبل ذلك والاستمرار فيه لتخرج من دائرة الإعالة إلى التمكين».

ويبين المشيخص أن «الجمعيات الخيرية الموجودة لدينا، قليل منها فقط يتجه نحو التحول من الرعوية إلى التمكين، وينبغي أن تكون لدى تلك الجمعيات دراسة كاملة حول هذه الحالة وإمكانياتها من أجل تفعيل قدرات المرأة في مكان معين وفي مؤسسة معينة ويجعلها غير محتاجة للعطاء بشكل مستمر إلا مع من لا تمتلك القدرة التي تؤهلها للاعتماد على نفسها».

أبرز المشاكل التي تواجه تمكين المرأة

- توجه الجهات الخيرية نحو الرعوية

- غياب وجود الرغبة الحقيقية لدى المرأة في العمل

- حالة التنافس غير الصحية بين النساء والتي تظهر بشكل محاربة المرأة للمرأة

- تعارض فرصها في التمكين مع واجباتها الأسرية

- عدم مقدرة المرأة على استثمار مواهبها

- مشاكل تدريب الخريجات

- غياب توجيه المرأة مهنيا وتعليميا منذ المرحلة الثانوية

مشاركة المرأة

%31 مشاركة المرأة في سوق العمل

%41 عمل المرأة في القطاع الحكومي

%2.5 المناصب القيادية العليا في الجهات الحكومية

%25 المناصب القيادية العليا والمتوسطة في القطاع الخاص