هناك أسباب كثيرة تمنع الأفراد والمجتمعات، من تحقيق أهدافهم وتسجيل نجاحاتهم. ومن تلك الأسباب، الرضا بالوضع الحالي والركون إلى الراحة، والانغماس في الروتين اليومي الذي نعيشه.

يقول جون كوتر من جامعة هارفارد، وهو أحد أبرز قادة الجودة في التاريخ الحديث «إن العدو الأكبر للنجاح هو الرضا بالوضع الراهن».

منطقة الراحة التي يألفها البعض من الأفراد والمجتمعات، هي العدوالأول للتغيير. والراحة هي المنطقة التي تتأقلم فيها سلوكيات الأفراد وأنشطتهم مع الروتين اليومي، فيتجنبون المخاطر والإجهاد، ويرون أن هذه المنطقة توفر لهم حالة من الراحة العقلية، والأمان النفسي والقلق المنخفض، والبعد عن الإجهاد الجسدي، فتجدهم يتجنبون الأعمال الإضافية، والمهام الجديدة ويقاومون التغيير بقوة.

وتأتي بعد منطقة الراحة منطقة الذعر، وهي عندما يتنبه الفرد أن الحياة تمضي، والأمور تتبدل وخبراته وقدراته على حالها لم تتغير، حتى على مستوى الوجوه التي يقابلها ويتحدث معها كل يوم، وحالة الذعر هي إعلان طوارئ للعقل البشري حتى يدرك أهمية البحث عن تحديات جديدة، والبحث عن تغيير حقيقي والخروج من حالة الرتابة والجمود.

وبعد مرحلة الذعر تأتي مرحلة التعلم وهي مرحلة رفع الكفاءة والقدرات، وهي أصعب المراحل، والتي تحدد معايير النجاح والفشل مستقبلا، وتحتاج إلى الجهد والصبر والمثابرة. وللخروج من منطقة الراحة أوالاعتماد على الوضع الحالي، فإن ذلك يتطلب جهدا وعملا لتتحول الأحلام إلى واقع، ولإيجاد بيئة تنافسية وإبداعية. ولمواكبة الجديد ودفع عجلة التغيير لابد من تغيير الأفكار حيث إن أفكارنا تؤثر وبشكل كبير في تفاصيل المستقبل، ولابد أن تتطابق الأفكار مع التطلعات والأهداف، حتى يتحقق التغيير الإيجابي.

ولتغيير الأفكار لابد من التخلص من الشكوى والتذمر، وأن تحيط نفسك بالأفراد الذين ينهجون التفكير الجديد والواعد. كما أن علينا أن نؤمن بأن الأشخاص الذين لم يحققوا النجاح قد يتمتعون بمهارات عظيمة، ولكنهم أيضا ماهرون في تجنب النجاح، من خلال الانخراط في العادات السيئة.

النجاح أمر لا يمكن انتظاره، وإنما يجب العمل والسعي إليه، وهذا لن يتحقق وأنت تحيط نفسك بنمط روتيني يبقيك في منطقة الراحة، ويبعدك عن منطقة الإبداع. إن الاستيقاظ المبكر وخلق بيئة العمل المثالية، والتركيز على الإنتاجية، والابتعاد عن وسائل التواصل أثناء تأدية المهام، مهم جدا من أجل التقدم العقلي، وعدم السماح لعمليات الإلهاء الروتيني بالسيطرة عليك. ولتحقيق التقدم والنجاح اليومي يجب التركيز على الأولويات، والتخلص من التسويف والمماطلة، والتأخير في تنفيذ المهام.

وكما يقول روي بينيت «لن تتغير حياتك أبدا حتى تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك». وقد يكون التغيير صعبا وشاقاً، لذلك لا تحاول الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك دفعة واحدة، بل تدرج في التخلص من العادات السلبية. ويكون ذلك بتحديد الأهداف الواقعية والقابلة للتحقيق، وتسجيل الانتصارات السريعة، التي تحقق الثقة والرضا عن النفس.

وعلينا أن نتذكر أن عدم المخاطرة، قد يكون أكبر مخاطرة، وهذا يتطلب تحديا للواقع ومحاولة للخروج منه للأفضل.