مع حلول الشهر المبارك، يفيض على العالم نور جديد وحياة جديدة، وكل فرد من أفراد الأمة الإسلامية يعلن بعمله وفعله أن وراء القوى المادية قوة سماوية، في حين، يشهد المسلم أن وراء هذه الحياة الفانية حياة خالدة.

إذا ضرب الليل رواقه، ومد النوم أطنابه على هذا العالم الحي الصاخب، ينبلج الصباح في الليل الغاسق، ويتلقى الإنسان الناعس عند وقت السحور درسا في الحياة، قبل طلوع الفجر، يعطي شهر رمضان درسا للنشاط والكدح والكفاح والشكر والعبادة.

يستيقظ المسلم من نومه العميق ليلبي دعوة ربه، وهو يعرف أن الإيمان ليس بضاعة رخيصة، بل هو نعمة من نعم الله تعالى، وغرة ناصعة بشرية، وهو نور على جبين الإنسانية.

الإيمان هو الذي يرد إلى الإنسانية كرامتها واعتبارها، تتجلى فيه النعمة العظمى التي فازت بها الإنسانية. وفي وقت السحور، تهب نفحات الرحمة، وتتحقق أحلام البشرية، وتقام الصلة بين الإنسان وربه العظيم، وقد تجلت هذه الصلة القوية في قيامه وصيامه، ولا يزال أذانه صيحة تدوي في هدوء الليل، فيعيد إلى هذا العالم النائم الناعس المتعب حياته ونشاطه، والمؤمن إذا نادى الآفاق بأذانه، أشرق العالم واستيقظ الكون.

يؤمن المؤمن بأن الإيمان هو قوته وميزته، الإيمان هو ذخره وثروته، وأن أعظم مقدار من المال والثروة، وأكبر كمية من المعلومات والمحفوظات لا تساوي هذا الإيمان البسيط، فأصبح المؤمن يستقبل في هذه اللحظة النورانية لحظة جديدة من الإيمان والحنان، وفي هذه اللحظة السعيدة ينوي صوم رمضان، ويستعد للتسبيح والأذان وتلاوة القرآن.

يعرف المؤمن أن لديه إيمانه الذي يخلق الأمانة والشعور والإدراك بالمسؤولية في النفوس ويخلق الدوافع القوية إلى عمل الخير وخدمة الإنسانية، والمؤمن يعرف أن هذا الإيمان هو الأساس المتين، يحتل بفضله مكانة الزعامة والقيادة في ركب الإنسانية ومصاف الأمم.

والمؤمن يعرف أن هذا الإيمان هو قوته وسلاحه، وهو القوة الكبرى التي أودعها الله الإنسان، والمؤمن يعرف أن وجوده شعلة من طين، عندما يتحلى بالإيمان واليقين، يكتسي بجناحي روح الأمين ويطير بهما في العالمين.