منذ 1919 اعتمدت منظمة العمل الدولية أول اتفاقية لحماية الأمومة، بينما صادق نحو 66 من أصل 185 بلدا وإقليما على واحدة على الأقل من اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة.

تنص الاتفاقيات على منع تعرض الحامل والمُرضِع لأي مخاطر من الممكن أن تؤثر على صحتها وسلامتها، وتُقر حقها في الحصول على إجازة أمومة مدفوعة الأجر، وتوفير الخدمات الطبية المتعلقة بالأمومة والطفولة، والسماح بساعات الرضاعة، والحماية من الفصل من العمل لأسباب تتعلق بالأمومة، وضمان حقها في العودة إلى العمل بعد إجازة الأمومة.

«إجازة الأمومة» أحد الحقوق الأساسية للمرأة وطفلها، واهتمت الدول بذلك، حيث منحت مثلا بريطانيا الأم 26 أسبوعا مدفوعة الأجر، بينما في فرنسا تُعطى الأم إجازة أمومة للطفل الأول أو الثاني 16 أسبوعا، وتصل لـ24 أسبوعا في طفلها الثالث، في حين تعد الأم السويدية الأكثر حظا، حيث إنها تتمتع بـ480 يوما تتقاسمها مع الأب، وتعد الأم في أمريكا هي الأقل حظا، حيث إنها لا تُمنح إجازة أمومة مدفوعة الأجر إلا أنهن يستخدمن إجازاتهن الاعتيادية، وقرابة %11 من العاملات في القطاع الخاص يمنحهن رب العمل إجازة أمومة مدفوعة الثمن، أي أن المرأة التي تحصل على إجازة أمومة مدفوعة الثمن في أمريكا هي امرأة محظوظة.

الحمدلله أنه لم يتم تخفيض مدة إجازة الأمومة في أي دولة منذ 1994، بل هناك توجه لزيادة تلك الإجازة لجعلها 14 أسبوعا أو أكثر، تلبية لمعايير منظمة العمل الدولية.

ولدينا في السعودية يحظر تشغيل المرأة خلال أول 6 أسابيع بعد الولادة، والآن هناك توجه لزيادة إجازة الأمومة المدفوعة الثمن لتصل إلى 14 أسبوعا بدلا من 10 أسابيع فقط، وللمرأة أن توزعها حسب احتياجها فيما قبل الوضع وما بعده، ولها الحق في تمديد إجازتها دون أجر. ومن حق المرأة العاملة، بعد عودتها من إجازة الأمومة، ساعة في وقت الدوام الرسمي تأخذها «ساعة رضاعة»، وتحسب من ساعات العمل الفعلية، وذلك حتى بلوغ طفلها العامين.

ولكن هل فترة إجازة الأمومة كافية؟. إجازة الأمومة لهدفين: لاستعادة الأم عافيتها بعد الوضع، ولرعاية مولودها الصغير وإرضاعه، خاصة في حال الرضاعة الطبيعية، لأنه، حسب توصيات منظمة الصحة العالمية، كل رضيع يجب أن يرضع رضاعة طبيعية حصرية (فقط حليب الأم) لأول 6 أشهر من العمر، لتقوية مناعته، وتقليل إصابته بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية التي غالبا ما تصيب الأطفال، ومن ثم يقل معدل تنويمه ودخوله المستشفيات، وتقل فترة تغيب والدته عن عملها، وبذلك حققنا ثلاثة أهداف: رفع مستوى صحة الأم وطفلها، والتقليل من تنويم الطفل في المستشفيات، وبذلك تقل التكاليف العلاجية، وزيادة إنتاجية المرأة، لقلة تغيبها عن العمل بسبب مرض طفلها أو تنويمه في المستشفى. وأجد أن هذه الأهداف تستحق أن نمنح من أجلها الأم إجازة أمومة حتى يبلغ رضيعها الأشهر الستة من العمر، ولا بأس أن يُخصم بدل المواصلات مثلا من الراتب، أو ندرس جدوى العمل عن بُعد في الأعمال الإدارية بعد إنهاء الأم إجازة الأمومة، فتُمنح الإذن بالعمل من المنزل حتى يبلغ عمر طفلها 6 أشهر. وحقيقة لا أجد ساعة واحدة للرضاعة تكفي لرضيع تحت عمر 6 أشهر، فلا هي التي غذته ولا هي التي أراحت أمه.