سؤال سألني إياه أحد أطفالي ببراءة الطفولة: «بابا يعني أيش الموت.. وليه الناس تموت»؟!، توقفت عند السؤال واقشعر جسمي من هوله، وكأنه عصف ذهني لمرحلة التوقف والمصير الذي لابد منه.

قلت في نفسي يا بني عش حياتك ببراءة الطفولة، فأنتم الأطفال حمامة السلام وأحباب الله في هذه الدنيا، فما زلتم على الفطرة السليمة بكتاب أبيض لم تسوده أيام الدنيا الفانية، ولكن سؤالك سهل وصعب في الوقت نفسه ورغم ذلك سأجيب، فالموت يا حبيبي هو ذهاب الروح وخروجها عن جسد الإنسان لتذهب للسماء عند خالقها، ويبقى الجسد المخلوق من طين في الأرض ليدفن، والموت يا حبيبي صعب ذكره، ومصيبة على أهل الميت، خاصة فهو من المصائب التي لابد من حدوثها، فما زلت يا بني أتذكر وفاة أخوانك عبدالإله ومروان، رحمهما الله، فقد بكيت وبكيت، ومازال القلب يئن حزنًا رغم سنوات الرحيل، وما زلت أفسر هذا الحزن بحزن وبكاء نبينا، صلى الله عليه وسلم، على ابنه إبراهيم، فالابن فلذة الكبد وأنين الروح، ولكن عزاءنا إنا لله وإنا إليه راجعون.

وحادثة أخرى صعبة أيضًا حدثت أمامي، فكنا في المقبرة يومًا ما في اتباع جنازة، ولما كان الدفن ومع انشغال الناس سقط أحد كبار السن في القبر المجاور فارتبك وجمع قواه وقفز قفزة حصان، وسبقت عيونه جسمه فخرج من القبر بقفزة الحياة وفرحة النجاة رغم تقدمه في العمر، فهذه الحادثة كلما ذكرتها ضحكت وحزنت، فهل لنا الاستطاعة من القفز من قبورنا إذا جاء اليوم الموعود.. أكيد لا نستطيع؛ لأننا لا حياة في جسدنا تدفعنا للأعلى، ولكن مهما يكن فنحن نؤمن بالأجل والبعث وأننا بشر نخطئ ونستغفر ولا نشرك بالله شئيا، ونحن نعلم ونستغفره فيما لا نعلم، وظننا أننا بين يدي رحمة الحي الدائم الراحمن الرحيم اللطيف بعباده الذي لا يموت.. فسبحان الله.