استحضر أهالي جازان العادات والتقاليد الأصيلة خلال رمضان، من خلال موائدهم التي تزينت بأطباق تجاوزت الـ 100 عام، وبالأواني الفخارية التي ما زالت متوارثة لديهم جيلا عن آخر، وبالألعاب الشهيرة في ليالي الشهر الفضيل، وإن قلت لدى الجيل الجديد وانحسر لعبها لدى الكبار كذكرى تعيد لهم استحضار الماضي الجميل.

حياة البساطة

وحكى المؤرخ محمد دغريري، صاحب حصن ومتحف العالية بوادي خلب، تاريخ الآباء والأجداد وحياتهم القديمة في رمضان، قائلا «عاش آباؤنا وأجدادنا ليالي وأيام رمضان قديما بصورة بسيطة، ولم تكن أعداد الناس كبيرة مثل اليوم، يعيشون بسعادة فكانوا يقتسمون كسرة الخبز فيما بينهم».

إفطار المساجد

بين دغريري أن الرجال قديما كانوا يجتمعون في المساجد للإفطار، في حين تفطر النساء والصبية الصغار في المنازل، وقال: ينتظر الأهالي صوت البوق أو المدفع الرمضاني مقرونا بالأذان ليشرعوا بعد ذلك في تناول حبات التمر وشرب الماء لينهوا صيام يومهم.

موائد رمضان

وقال إن موائد رمضان التي كانت تقدم على الإفطار قديما لم تتجاوز كسرات خبز من صنع أيديهم ومن منتجات بيئتهم الزراعية، ولا تقدم معها سوى منتجات بسيطة من منتجات الألبان التي يقومون بصنعها كاللبن الرائب المسمى بالرثية عند العرب وتعرف لدينا (بالقطيبة)، والتي كانت هي الطبق الرئيسي على موائد الإفطار قديما، أو اللبن الحليب أو بعض الأكلات التي تحتوي أصنافا زراعية وحيوانية من منتجات البلد كالمغش والمفالت، وهو طبخة تحتوي على اللبن والدقيق أو الذرة أو الدخن.

عادة دخيلة

أكد العم محمد أن المدفع الرمضاني هو عادة دخيلة، وقال هو تقليد أتى به العثمانيون فهو تراث دخيل وليس من تراث المنطقة، وأضاف أن البوق هو التراث الأصيل بينما المدفعية تراث عثماني جلب خلال الحملات في القرن العاشر الهجري ليحل محل البوق الذي وجد قبله بكثير. وأوضح أن المدفع الرمضاني كان متواجدا في جازان بحي العشيماء، وكان يسمع صوته في كافة المنطقة الساحلية، في حين أن المناطق الجبلية بني الحارث وجبال خولان بن عامر يستخدمون مدفعية في أعلى جبال رازح؛ حيث يسمع في الجبال كافة وبلاد الحرث، وقال: كان المدفع يستخدم من خلال إطلاق طلقة للإفطار وأخرى للسحور.

البروقي «البوق»

يمتلك العم محمد آلة البوق التي بين أنها كانت تستخدم للإعلام في المناسبات الدينية المختلفة كدخول الأعياد ورمضان، كما تستخدم للنداء للتحالفات والحروب والاجتماعات، مبينا أن المنادي بها يختار تبة مرتفعة ثم يقوم بالإعلام من خلال النفخ فيها لتصدر نغمة صوتية لها دلالتها الخاصة لدى الأهالي، وأضاف أن هناك عدة نداءات مختلفة لكل صوت من خلالها، تعارف الأهالي عليها لفهم محتوى رسالتها.

المسحراتي

بين أن الأهالي قديما اعتمدوا في سحورهم على صوت البوق لإيقاظهم، أو رجال العسة وهم جماعة من الأهالي يقومون بحماية القرى ليلا فلكل قرية عسة خاصة بها.