التفاوض أداة هدفها المعلن فض النزاع، وليست غاية، وتنتهي بمجرد انتهاء المصلحة، في حين هدفها الخفي الحصول على شرعية ما. فعلى سبيل المثال، مفاوضات «سد النهضة»، طالت أو قصرت، فمحصلتها منح الشرعية لااستكمال ملء السد، وكذلك مفاوضات البرنامج النووي الإيراني هدفها شرعنة البرنامج النووي.

الخيار الإستراتيجي يكمن في المصلحة، وهذا منعدم لدول مثل الخليج ومصر، وحتى دول ساحة التفاوض الخلفية مثل اليمن والعراق والسودان ولبنان وسورية، وتفسير ذلك أنها مفاوضات هدفها المعلن تباحث شروط وإثرائها: إما بالحذف أو الإضافة، بغرض كسب الوقت.

إستراتيجية الشروط مقابل التوقيت تتضرر منها دول عدة مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية ومصر، وصولا للجمهورية اليمنية، فبمجرد أن تمتلك إيران شرعية نووية، فإن ميليشياتها ستمتلك شرعية على الأرض، وعلى الوجه الآخر عند امتلاك إثيوبيا توقيتا شرعيا لملء «سد النهضة» دون اشتراطات ملزمة، فإن كل الاتفاقيات ذات الصلة في ١٩٢٩ أو ١٩٥٩م ستصبح غير ملزمة.

- كيف يتم الفكاك من إستراتيجية الشروط مقابل التوقيت التي تدار من «أديس أبابا» و«طهران»؟

هناك 3 مسارات إستراتيجية:-

١- مسار الواقع الإستراتيجي: أي نحل المشكلة، ولا نهاجم الدول التي تسببت فيها، وهذا غيرمتاح، لأن دولا مثل إيران تهاجم المملكة، وإثيوبيا تمارس الأمر نفسه في السودان.

٢- مسار توازن الرعب: وهو ينبثق من إستراتيجية الردع النووي، وهو الحل الأنجع في مواجهة شرعية البرنامج النووي الإيراني، وشرعية سد النهضة الحبشي، وبذلك ستفهم إيران وإثيوبيا بأن كلفة خسارة شرعية برنامجهما ستتجاوز الأرباح، وهذا يتطلب برنامجا نوويا خليجيا - مصري مشترك، وتوسعة استثمارية مشتركة لقناة السويس.

٣- مسار تحالفات الشرق الأوسط الجديد: الحديث عن بنية إقليمية للأمن الجماعي، تقف في وجه كليهما: إثيوبيا وإيران في الوقت نفسه، والأنجع مسار متعدد أقطاب يشمل الجانب العسكري والاقتصادي والنووي.